وسط حالة الضياع التي تعيشها الحكومة في التعامل مع قضية المخطوفين لا يزال الاهالي يخطفون البلد بتعليمات أصبحت واضحة من الخاطفين من داعش وجبهة النصرة , وقد بدا واضحا ان تحركات الاهالي تأتي في سياق تعليمات من الخاطفين في محاولة للضغط على الحكومة للاستجابة لمطالبهم التعجيزية حينا والمبهمة في كثير من الاحيان حيث لم تصدر بعد مطالب واقعية يمكن العمل على اساسها خلال العملية التفاوضية الشاقة التي يقوم بها كل من اللواء عباس ابراهيم والوسيط القطري .
في التطورات الاخيرة لهذه القضية فقد اعاد اهالي المخطوفين فتح طريق ضهر البيدر بعد 16 عشر يوما على الاعتصام هناك حيث نقل الاهالي اعتصامهم الى ساحة رياض الصلح على مقربة من السراي الحكومة في استجابة واضحة للإملاءات التي يمليها الخاطفون على اهالي العسكريين ومن هنا فقد بات واضحاً أن الخاطفين أصبحوا يتحكمون بفتح الطرق وإغلاقها، بل لعلهم باتوا يحكمون البلد من جرود عرسال، عبر.. الهاتف الخلوي.
يأمر الخاطفون هذا العسكري او ذاك بأن يُكلّم عائلته ويطلب منها التصعيد في الشارع، وأحيانا يلجأون هم أنفسهم الى توجيه رسائل نصّية مباشرة تتضمن توجيهات محددة، والعائلات بدورها تستجيب تحت وطأة التهديد بذبح أبنائها، وترفع منسوب الضغط على الجهات الرسمية، ما ينعكس مزيداً من الإحراج على أداء الحكومة المحاصرة بين المطرقة والسندان، وسط انقسام بين أعضائها حول خيار المقايضة.
وأمام احتمال التصعيد في تحرك ذوي المخطوفين، قالت مصادر وزارية واسعة الاطلاع لـصحيفة السفير إن إقفال وسط بيروت، كما هدّد بعض الأهالي، غير مسموح. وأشارت الى ان تحرك الاهالي مشروع، ما دام لا يلحق ضرراً بالآخرين، مشددة على ان ما حصل في ضهر البيدر لا يجب أن يتكرر في مكان آخر، لأنه ليس ضرورياً أن نجلد أنفسنا، وينبغي الحفاظ على وحدة الصف، لاسيما بين الدولة والأهالي المطالبين بقدر أكبر من التفهّم، من دون تجاهل وجعهم.
وأكدت المصادر أن المفاوضات مستمرة وهي دقيقة جداً والصمت في شأنها أهم بكثير من كل الكلام الصادر من هنا وهناك والذي يبلغ أحيانا حد التجريح، مشددة على أن الحكومة «مع المفاوضات، وضد الابتزاز».
وأوضحت هذه المصادر أن الوسيط القطري يتابع عمله، ولكن بوتيرته ووفق تكتيكه الخاص، لافتة الانتباه الى أنه يقوم بأمر ثم يتراجع وينتظر، وبعد ذلك يعيد الكرّة، والحكومة مستعدة لتأمين شروط إنجاح مهمته.
وأشارت المصادر الى أن الحكومة تواجه مقاربتين مختلفتين في التفاوض من قبل «داعش» و«النصرة»، الأمر الذي يجعل الوضع أكثر صعوبة، منبّهة الى أنه لا يمكن الركون الى كل ما يطلبه الخاطفون، لأن الحكومة مسؤولة عن كل لبنان وليس فقط عن العسكريين المخطوفين، لكن هناك في المقابل استعداداً لتحقيق المطالب التي من الممكن الاستجابة لها. وتساءلت المصادر: هل من المقبول أن نقايض المخطوفين بعرسال على سبيل المثال، ونكرّس اختطافها مقابل الإفراج عن الرهائن؟
وفي إطار الضغوط المنهجية التي تمارسها الجهات الخاطفة، تلقى اهالي العسكريين المخطوفين من عكار، خالد الحسن وحسين عمار، اتصالاً ليل أمس الأول من الخاطفين ابلغوهم فيه بضرورة التحرك السريع والتصعيد، وإلا فإنهم سيقومون بعد ثلاثة أيام بذبح ابنيهما.
وبالفعل، تم قطع اوتوستراد بيروت - طرابلس صباحاً عند بلدة القلمون بالاتجاهين حتى المساء. كما هدّد الأهالي أيضاً بقطع نفق شكا، لكنهم عادوا وعدلوا اعن الفكرة بعد التشاور.
وقالت مصادر متابعة لـ«السفير» إن ما حصل أمس يعتبر مؤشراً خطيراً، خصوصاً وأن الخاطفين باتوا يسعون للتحكم بمفاصل الحياة اليومية للمواطنين، بهدف ممارسة الضغط على الحكومة، وذلك من خلال فرض إملاءاتهم على أهالي المخطوفين لتنظيم تحركات وقطع طرق.
وكان أهالي العسكريين قد قرروا فضّ اعتصامهم في ضهر البيدر بعد مرور ستة عشر يوما على البدء به، ونقله الى ساحة رياض الصلح، في مواجهة الوزراء والسياسيين المعارضين لموضوع المقايضة، وفق ما اكده الاهالي في بيانهم الذي تضمن تهديدا بـ«خطوات تصعيدية مؤلمة للحكومة ستكون مفاجئة وموجعة في بيروت وجبل لبنان».
ولوّح الاهالي بتصعيد واسع بدءا من اليوم، يشمل إقفال كل وسط بيروت، والاعتصام امام الوزارات التي يرفض وزراؤها المقايضة.
وسبق فتح طريق ضهر البيدر زيارة قام بها الوزير وائل ابو فاعور الى الاهالي، مؤكدا لهم أنّ «مرحلة الايجابيات التي بدأنا بها لم تتوقف بسب تراجع الدولة اللبنانية، وإنما بسبب تراجع اطراف أخرى». وأوضح أنّ «الدولة في انتظار مقترحات جدية للاستماع إليها كي تتعامل معها على هذا الأساس»، كاشفا عن أنّ «الموفد القطري ما زال في لبنان»، داعياً إلى «مقايضة صريحة وواضحة يُجمع عليها اللبنانيون».