تحتاج تركيا الى رؤية واحدة متماسكة ومقنعة عن تفاصيل عملية إطلاق رهائنها الـ٤٩ الذين اختطفتهم "داعش" في العاشر من حزيران الماضي، في حين نفذت جرائم بالرهائن الاميركية والجنود اللبنانيين الشهداء.
رجب طيب اردوغان تحدث عن "عملية إنقاذ نفذتها القوات الخاصة"، وأحمد داود اوغلو اعتذر عن عدم كشف تفاصيل العملية، موحياً بأنه لم يتم دفع اي فدية وان الاستخبارات التركية حاولت ست مرات سابقاً تحرير المخطوفين لكنها فشلت، في حين منعت الحكومة هذه الرهائن من الإدلاء بأي تصريح !
لا معنى للحديث عن عملية نفذتها القوات الخاصة، والدليل ان الرهائن نقلت في السيارات من الموصل الى تركيا عبر سوريا اي مسافة ٥٠٠ كيلومتر وربما بمواكبة "داعشية"، ولا معنى للحديث عن المحاولات الفاشلة لتحريرها لأن "داعش" لم ترد بأي عملية ذبح او تصفية.
هناك انباء تقول ان تركيا قدمت لـ"داعش" ٤٩ دبابة وكميات كبيرة من الذخائر بعدما عقد اردوغان صفقة مع "داعش" بأن يرفض الإنضمام الى التحالف الدولي مقابل اطلاق الرهائن. عموماً العملية معقدة ولا تتصل بالرهائن بل بحسابات نسجتها انقرة مع العشائر السنّية في الأنبار منذ انتفاضتها قبل عشرة اعوام. وفي هذا السياق يبدو ان الإستخبارات التركية انخرطت في مفاوضات مع بعثيين سابقين وعناصر من العشائر رتّبوا مقايضة الدبابات بالرهائن!
إضافة الى ذلك يجب التركيز على عناصر يمكن ان تشكّل هامشاً من الخاصية بين انقرة و"داعش". فالسفير الاميركي السابق في تركيا فرنسيس ريكياردوني يجزم بأن تركيا تدعم "القاعدة" و"النصرة"، وثمة تساؤلات عن سبب تجاهل القنصل التركي تحذيرات تلقاها قبل اجتياح "داعش" الموصل والقنصلية بثلاثة ايام، ثم لماذا رفضت تركيا عرض قوات البشمركة تحرير الرهائن واعتبرت الأمر محرجاً على خلفية الحساسية حيال المسألة الكردية؟
ولا يتوقف البعض عن طرح الاسئلة المحرجة: كيف ولماذا كانت تركيا البوابة الأساسية لعبور عناصر التطرف الى سوريا، ولماذا يستمر التغاضي عن مئات الشاحنات التي تنقل النفط السوري من "داعش" الى تجار أتراك، ولماذا تقاعست انقرة عن دعم اربيل في حين سارعت طهران الى تسليحهم؟
في الحسابات الخلفية التركية تطرح تساؤلات عميقة عن مرحلة ما بعد "داعش": هل يمكن ان يصبّ الأمر في خانة النظام السوري بضغط من الروس والايرانيين، وهل يصب في المصلحة الكردية على خلفية إعادة ترتيب البيت العراقي؟ في انتظار اتّضاح الصورة استعادت تركيا رهائنها من "داعش" ورفضت توقيع "اتفاق جدة"، مكتفية بإرضاء واشنطن عبر تقديم دعم لوجستي على خطي: بطمان - اربيل في العراق ونصيبين - القامشلي في سوريا!