بدت صورة باراك اوباما مجتمعاً مع حلفائه العرب بعد الغارات على مواقع الارهابيين في سوريا أهم بكثير من الصور التي بثّها "البنتاغون" عن انطلاق الصواريخ وتساقط القذائف وتدمير المقار، لأنها تبعث برسالة ضرورية تؤكد عملياً سقوط وتدمير المقولة التي طالما استعملتها المنظمات الارهابية عن انها تتعرض لحرب صليبية يشنها الغرب.

هذه المقولة استعملت دائماً لتجييش المشاعر واستجلاب المقاتلين، فليس خافياً على أحد ان معظم التسميات التي تحملها المنظمات في المنطقة لها علاقة بالسماء وبالدين، واعلان دولة الخلافة على يد أبي بكر البغدادي كان آخر تجليات القتل باسم السماء، ولهذا عندما تشارك خمس دول عربية وإسلامية في العمليات الجوية، لن يكون في وسع الإرهابيين ان يزعموا ان حرباً صليبية جديدة تشن على الاسلام!
الصورة تأخذ بعداً مناقضاً تماماً لهذه المزاعم، فالدول الاسلامية انضمّت الى التحالف وتشارك في العمليات لتحرير الاسلام المخطوف على ايدي الإرهابيين الذين مضوا بعيداً في تشويه صورته الى درجة ان الرأي العام في العالم بات ينظر الى كل مسلم على أنه ارهابي!
لذا لم يتردد اوباما خلال اجتماعه مع حلفائه المسلمين العرب في القول "بفضل الجهود غير المسبوقة لهذا التحالف أعتقد اننا قادرون على توجيه رسالة واضحة مفادها ان العالم موحد"، بمعنى إسقاط نظرية "الفسطاطين"، وان التحالف يؤكّد تصميم المجتمع الدولي على إضعاف وتدمير ليس "داعش" فحسب بل هذا النوع من الايديولوجية.
واشنطن اعلنت ان المقاتلات القطرية شكّلت مظلة هدفها التصدي للطيران السوري اذا ما حاول التدخل، لكن بغض النظر عن دور كل من الدول العربية في العمليات، من الضروري ان نتذكر انها المرة الأولى التي تشارك مقاتلات عربية في عمليات عسكرية في بلد عربي آخر. واضح ان الحرب ستطول لأن الغارات الجوية تبعثر الارهابيين داخل الأحياء والبيوت بحيث تصبح الحاجة ضرورية لمهاجمتهم على الارض. في العراق هناك الجيش والبشمركة ورجال العشائر السنّية في الأنبار، اما في سوريا فالمسألة تحتاج الى مزيد من الوقت لإعادة ترميم صفوف "الجيش السوري الحر" والمعارضة المعتدلة، وخصوصاً بعدما رفض التحالف اي دور لنظام الاسد في المعركة ضد "داعش" التي أُخرجت نواتها من سجونه.
حاول النظام الإيحاء بأن الأميركيين نسقوا معه وأبلغوه، لكن واشنطن نفت وتبيّن ان صواريخ "توماهوك" وصلت الى اهدافها في الرقة وغيرها قبل ان يصل مبعوث حيدر العبادي الى الاسد، ناقلاً إخطاراً أميركياً بالغارات التي كانت قد بدأت، كانت واشنطن قد سلمته الى السفير العراقي في نيويورك!
يبقى سؤال ضروري: هل كان حسن روحاني ليسأل الأسد بما يشبه التوبيخ "لماذا قبلتم بقصف اراضيكم"، لو كان لإيران دور في التحالف والقصف؟