دخل اللبنانيون بازار الصراع الذي تشهده المنطقة مع الإعلان عن قيام تحالف دولي جديد لمكافحة الإرهاب، كل حسب تحالفاته الخارجية ورغم الإختلاف المتعارف عليه في ما بينهم حيال أي قضية داخلية كانت أم خارجية. شارك لبنان ممثلاً بوزير خارجيته جبران باسيل في مؤتمر جدة الذي انعقد لإعلان قيام التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. وكالعادة اختلفت التفسيرات اللبنانية حول مضمون كلمة باسيل ومن تمثل.   تزامناً مع انعقاد المؤتمر الذي استبعد روسيا وإيران والنظام السوري، أعلنت موسكو فوراً رفضها لهذا التحالف إذ عبّرت وزارة الخارجية الروسية عن رفضها لإستبعادها من هذه الضربات بطريقة ذكية، لافتة إلى أن قتال المتطرفين بسوريا والعراق يجب أن يخضع للقانون الدولي واحترام السيادة السورية، معتبرة أن شن ضربات جوية في سوريا دون تفويض من مجلس الأمن سيكون عملاً عدوانياً.   وفيما إيران تلتزم صمتها حيّال هذا الموضوع لأنها مستفيدة من هذه الضربات، كما حزب الله، إلّا أن الوزير محمد فنيش يعتبر لـ"المدن" أن الحزب وحلفاءه هم من يحارب الإرهاب، فـ"نحن اول من حاربنا الإرهاب، كنّا السباقين إلى ذلك، ومن يريد محاربته عليه هو أن ينضمّ إلينا".   لكن البارز واللافت، كان موقف باسيل خلال المؤتمر، إذ أعلن أن لبنان شريك العالم في الحرب على الإرهاب، مضيفاً أنه لا مبرر لاستبعاد أية دولة أو طرف من المشاركة في الحرب على "داعش". هنا أثير اللغط. تقول مصادر وزارية منضوية في قوى الرابع عشر من آذار لـ"المدن" إن موقف باسيل يتقاطع مع موقف إيران والنظام السوري، لا بل تذهب المصادر أكثر من ذلك لتقول: "هذا الموقف لا يعبر عن الحكومة اللبنانية بل فقط يعبّر عن موقف حزب الله داخل الحكومة وحلفائه خارجها، لأن النظام السوري كان ينتظر هذه الفرصة لإنتهازها والعودة شريكاً على الساحة الدولية في محاربة الإرهاب آملاً في إستعادة بعض من شرعيته الدولية، وهذا ما حاول باسيل تحقيقه له بإيصال صوته إلى المجتمعين".   في المقابل، يشير النائب آلان عون لـ"المدن" إلى أن لبنان بطبيعة الحال هو مشارك في كل الجهود الدولية المنصبة لمحاربة الإرهاب، لأنه كان عرضة ومازال لمخططات هذه التنظيمات وضرباتها، ومن المسلّم به أن يشارك وزير الخارجية بهذا الإجتماع كممثل للبنان أولاً وكمسيحي ثانياً مع الأخذ بعين الإعتبار التيار الذي يمثّله. أما عن كلام باسيل حول وجوب عدم إستبعاد أي طرف أو دولة من الحلف الذي سيحارب هذا الإرهاب، فيقول عون: "أي دولة تتعرّض لهذا الخطر الإرهابي يجب ان تكون جزءاً من هذا التحالف الذي سينشأ، لا يمكن إستثناء أحد لأن هذا الموضوع هو مسؤولية دولية، ولذلك فإن أي دولة تنفذ الجماعات الإرهابية جرائمها على أرضها يجب أن تكون مشاركة بمكافحة الإرهاب". هنا يبرز السؤال عن إمكانية حديث باسيل بإسم النظامين السوري والإيراني اللذين تم إستبعادهما من هذا الحلف، فيرفض عون هذا الطرح قائلاً: "ليس الموضوع شأناً سياسياً ولا يتعلق بالمواقف السياسية بل هو مبدئي وغير خاضع لمبدأ نظام ومعارضة".   لا يمكن فصل محاربة الإرهاب السلفي عن الإرهاب الذي يلبس وجهاً آخر، وهنا يبدو نظام الأسد الحلقة الأكثر ضعفاّ في هذه المعركة، وصل صوته قليلاً مع باسيل، إلا أن هذا الصوت ليس كافياً، إذ على ما يبدو الأجندة الدولية مختلفة عن أجندة الممانعة، ومحاولات وزير الخارجية اللبناني، تنتظر الرد عليها في بيروت، أو في الحكومة، لكنها ستبقى محاولات ناقصة، على ما يبدو.