بدأ الجيش خطوات عملانية للضغط على المجموعات المسلّحة المتمركزة في الجرود الفاصلة بين عرسال وقرى القلمون السورية. بعد كلام رئيس مجلس الوزراء تمام سلام أن الحكومة لديها أوراق ضغط ستستخدمها في سبيل تحرير العسكريين المخطوفين، تحرّك الجيش في جرود عرسال وفق سياسة قطع الشرايين الحيوية للمسلحين في الجرود. عزز من مواقعه العسكرية، وزاد من عديد قواته ووسع انتشاره.   مساء الإثنين، تحدّثت معلومات عن اندلاع اشتباكات عنيفة في جرود عرسال، لكن الخبر لم يكن صحيحاً، فما جرى هو تثبيت الجيش لمواقعه المتقدمة في الجرود خصوصاً عند نقطة وادي الحصن، حيث دخل الجيش فعلياً إلى الموقع وبقي فيه، بخلاف ما كان يجري في السابق بعد معركة عرسال، أي التمركز فيه بعض الوقت وإقامة الحواجز. وعما حكي بشأن إندلاع إشتباكات هناك، أكد مصدر عسكري بارز لـ"المدن" أن الجيش لحظ تحرّكاً لإحدى السيارات بالقرب من الموقع فأطلق بإتجاهها عدداً من القذائف.   داخل عرسال الأمور هادئة، على طريق الجرد، تظهر بوضوح التعزيزات العسكرية التي يتخذها الجيش اللبناني، لكن هذه المساحات الشاسعة من الجبال تتضمن الكثير من الطرق والثغرات التي يُمكن العبور من خلالها من لبنان إلى سوريا وبالعكس. على إحدى التلال شرق محلّة وادي حميد، تظهر عرسال كاملة،  ومعها الجرود القلمونية. بعد هذه النقطة، يصبح المسير شرقاً محفوفاً بالخطورة أكثر، مناطق قفراء ليس فيها غير صخور ورمال، وعلى بعد ساعة من السير يتمركز المسلّحون في مغاور كثيرة.   يصعب في هذه الجرود التنقّل إلّا عبر سيارات رباعية الدفع أغلبها من (البيك آب) والدراجات النارية من نوع (كروس). هكذا يتنقل المسلّحون، الذين ينتشرون في هذه الجرود، العديد من الكتائب موجودة هنا، من مختلف المذاهب الفكرية والمشارب العقائدية، أبرزها جبهة النصرة، أحرار القلمون، الغرباء، أحرار الشام، الحبيب المصطفى، تحرير القلمون، بالإضافة الى "داعش" الذي لا يختلط مقاتلوه بالتنظيمات الأخرى.   يؤكد المسلّحون أن وجهتهم ليست لبنان ولا عرسال، وما جرى في السابق هو استدراج خاطئ لهم من إحدى الكتائب. يعتبرون أن فتح جبهة عرسال او اي منطقة لبنانية أخرى هي من مصلحة النظام وحزب الله ولذلك لن يكرروا الخطأ. يشيرون إلى أن جهودهم تنصب على وضع خطط عسكرية لتحرير قرى القلمون. يومياً تعقد اجتماعات بين هذه الكتائب لوضع الخطط.   يقول أبو جعفر الدمشقي قائد إحدى الفصائل لـ"المدن" إن عرسال لم تكن إلا ممراً للمدنيين الموجودين في الجرود والذين يؤمنون بعض الحاجيات لهم من البلدة، بالإضافة إلى معالجة الجرحى في المشافي الميدانية فيها. ولكن ماذا عن المنافذ التي سدّها الجيش بوجههم؟ يجيب إن عملية خنقهم لا تفيد الجانب اللبناني:  "حين يحاصروننا بهذا الشكل، فهذا يعني أنهم يخنقونا وعندها سنعمل على إيجاد منافذ وفك الخناق"، لكنه يضيف أن التوجه سيكون نحو قرى القلمون وليس عرسال. وهل فعلاً قادرون على تحرير القلمون؟ يقول الدمشقي: لا النظام ولا حزب الله قادرين على الإنتصار في حرب الجبال، حرب العصابات كبدتهم الكثير.   هنا، يعود الحديث عن المفاوضات التي كانت تجري بين الجيش الحر وحزب الله والتي توقفت لعدم موافقة "النصرة" عليها، وتشير مصادر المسلحين إلى أن حزب الله يفكر بالانسحاب وتسليم البلدات للجيش الوطني. ويؤكد قيادي في النصرة لـ"المدن" أنهم يستعدون لفتح الطريق بين جرود رنكوس وجرود عسال الورد وحينها يصبح الثوار بغنى عن عرسال وسيكون الطريق مفتوحاً مع ثوار القلمون حتى درعا.   اذاً، هي معركة طاحنة جديدة ستفتح في القلمون، وحسبما يؤكد المقاتلون فإن الظروف اختلفت خصوصاً بعد أن توحدت جميع الكتائب ولم يبق إلا من يريد القتال: "الجميع يريد اعادة السيطرة على القلمون من جديد ولو كانت التكلفة باهظة لإعادة أعداد من النازحين الى تلك القرى خاصة بعد التعامل السيء من بعض اللبنانيين مع السوريين".   وسط كل ذلك، يبقى مصير العسكريين المخطوفين معلّقاً الى حين تبلور ملامح المفاوضات التي تجري وتتولاها وساطة قطرية، ولكن يؤكد المسلحون أن العسكريين جميعهم بخير، والوساطة تستكمل لكنهم مصرّون على مبدأ المقايضة.