ينتظرون «المنقذ»، وما سيطرحه الرئيس باراك أوباما لتحرير المنطقة من «داعش». حلف شمال الأطلسي اجتمع وأيّد المشاركة في «الاستئصال»، لكنه لم يعلن الاستنفار، ولم يتّخذ تدابير احترازيّة. قد يشارك استخباراتيّاً، وحتى في الطلعات الجويّة، لكنه لن ينغمس في «حروب الآخرين».

الإدارة الأميركيّة لم تستكمل كلّ خططها بعد. نجحت في تحقيق إستنفار إعلامي، وإطلاق حملة ديبلوماسيّة تحت شعار التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، لكن أوباما يريد أن يشتغل إقتصاداً وسياسة أكثر مما يعوّل على العمليّات العسكريّة. خطوط إتصاله وتواصله مع طهران مفتوحة، لكنها لم تبلغ بعد النهايات السعيدة للبناء عليها.

السلطان العثماني الجديد رجب طيّب أردوغان ينتظر وظيفة بما يتلاءم ومنصبه كرئيس مطلق الصلاحية بعد الفوز الكاسح ومن الدورة الأولى، فيما أوباما لا يريد أن يمنحه أدواراً شرق أوسطية، تثير حفيظة السعودية من جهة، ونقمة إسرائيل من جهة أخرى. أما مصر السيسي فهي على لائحة الإهتمامات، لا يريد أوباما أن يخسر الموقع على النيل، في ظلّ التناغم الحاصل بين القاهرة وموسكو حيال عدد من برامج التعاون.

محاربة «داعش» قرار متّخذ، لكن تبقى الوسائل. يستبق الأوروبيّون ما سيقوله أوباما للإعلان عن الأفكار الجاهزة، وهي تتمحور حول الآتي: تكثيف الضربات الجويّة على أن تشارك بريطانيا إلى جانب الولايات المتحدة في بعضها، وأيضاً فرنسا.

وحضّ التحالف الدولي، وخصوصاً الإتحاد الأوروبي، على تنشيط العمل المخابراتي واللوجستي، وتقييد حراك «داعش» ضمن الخطوط الحمر المرسومة، وحماية سدود المياه والأماكن الإستراتيجيّة الأخرى من السقوط في أيدي «الداعشيين».

ثم إشراك عدد من دول المنطقة، ولا سيما منها السعودية في التحالف، نظراً إلى دورها السابق في دعم المعارضة السوريّة، وإلى إمكاناتها المادية والمعنوية في تغطية تكاليف الطلعات الجويّة، والعمليات العسكريّة المتنوعة، وفي تسليح البشمركة، وعشائر الموصل والأنبار، والميليشيات الأخرى. وما يحكى عن حرب شعواء، هو في الحقيقة مجرّد سيناريو أميركي - غربي لإشغال المنطقة وشعوبها بحروب إستنزاف مهلكة تجعل أبواب الحلول والمعالجات مفتوحة على كل الإحتمالات، بما فيها تغيير في الحدود والخرائط، والخطط الإنمائيّة والإقتصادية.

حتى فكرة «داعش» لا يُنظَر إليها من منظار المصالح الأميركيّة الغربيّة، على أنها «شيطانيّة»، بل هي أمر مستجدّ فرض نفسه على أرض الواقع كغيره من المستجدّات التي ترافقت مع صحوة «الربيع العربي»، وفرضت نفسها على أرض الواقع، وبالتالي فإنّ المواجهة قد تقتصر على تقليم الأظافر، وإلتزام حدود الدور المرسوم.

وينتظر لبنان دوره في التحالف الجديد. المجموعة الدوليّة بدأت تتحرّك، سفراؤها المعتمدون ناشطون، كلمة السر وصلت. على الحكومة أن تصمد وأن تجمع أطرافها وتجتمع لدعم الجيش، والوقوف في موقع المساندة والمؤازرة والإصرار على التفاوض لإطلاق العسكرييّن، من دون الإنزلاق نحو المقايضة، وامتثال منطق العصابات المتفننة بالذبح.

تحاول المجموعة إبقاء نار الفتنة المذهبيّة هامدة، على رغم المحاولات المتكرّرة لإذكائها، وتعطي القنوات الديبلوماسيّة الأولوية لمعالجة ملف المخطوفين. إشادة رئيس الحكومة تمام سلام بدور قطر وأميرها لم تأتِ عفو خاطر، الرجل إبن بيت سياسي عُرف تاريخيّاً بتحالفاته العربيّة الخليجيّة.

الإشادة كان دونها تعب ومشّقة، وقرار صعب، وضغوط دوليّة وإقليميّة تريد أن تعطي الديبلوماسيّة فرصة لمعالجة ملف الأسرى قبل اللجوء إلى آخر الدواء... الكيّ! وتعرف دول المجموعة أهمية دور قطر في هذا الملف، و«الأنفاق» المفتوحة في كل الإتجاهات، وتحديداً مع «الداعشييّن»، و»جبهة النصرة»، وأخواتها.

وفي إنتظار «المنقذ»، وما سيُرسم من خطط، تبقى أبواب لبنان مشرّعة على كل الإحتمالات، أخطرها ألّا تتحوّل عرسال رأس إمارة، أو خط تماس طويلاً ومنهكاً من الإستنزا