لم تكن المسافة التي تفصل قائد الجيش جان قهوجي عن كرسي رئاسة الجمهورية الا قاب قوسين او ادنى ، حتى ان النقاش بالبلد قد وصل الى مراحل متقدمة وبات الحديث يتناول  فقط الإجراءات القانونية التي يجب اتخاذها ، وهل وصوله كقائد للجيش يحتاج الى تعديل دستوري كسابقيه ميشال سليمان واميل لحود ام لا، كونه وصل الى سن التقاعد ومُدد له لقائد الجيش سنتين وفق قرار وزاري، وبالتالي فانه يعتبر مستدعى من الاحتياط وليس موظف درجة أولى فعلي،

طبعا كل هذه الأجواء التي كانت تعكس توافقا سياسيا شبه كامل على اسم جان قهوجي لم تكن خافيه عليه كما وانه  على علم ودراية تامة بان التوافق هذا هو المعبر الضروري والممر الاجباري لاي طامح بالوصول الى قصر بعبدا في بلد كلبنان محكوم لهذا التوافق مسبقا وان أي مشكل مع احد الافرقاء يعني بالضرورة خسارة حتمية لكرسي الرئاسة،

هذه الأجواء الإيجابية ظلت مخيمة على اسم قائد الجيش كمرشح قوي للرئاسة حتى جاءت احداث عرسال ووضعت الرجل وخلفه الجيش اللبناني اما منعطف تاريخي خطير جدا يمكن اختصاره بمعادلة بسيطة : قصف عرسال وتدميرها = الوصول الى بعبدا

ولان في مثل هذه المحطات التاريخية تعرف الرجال العظام وتبان معادن الكبار، فلم يتردد جان قهوجي لحظة واحدة بان يقول ( لا ) للفريق الذي أراد وسعى وعمل من اجل زج الجيش اللبناني في اتون هذا النفق، قال ( لا ) ولم يدخل في حرب عبثية على حساب دماء العسكريين من اجل تحقيق مآربه الشخصية ، قال ( لا) مع مقدرته على إعطاء حربه العنوان الذي يريد، حرب تحرير، حرب توحيد البندقية ، محاربة الإرهاب ، الدفاع عن المسيحيين وو

فال ( لا) وهو يعرف تماما بان الجواب على سؤاله الذي طرحه هو في جريدة النهار عندما قال : هل كانوا يريدون مني تدمير عرسال فوق رؤوس ساكنيها من اللبنانيين والسوريين البالغ عددهم حوالي 120الف ؟؟ بان يكون ( نعم )

فان كانت هذه ال (لا) الطالعة من صميم وطنية واباء ابن عين ابل والتي تشبه تماما جنوبيته ولبنانيته وانسانيته وجبال من المسؤولية ينأى عن حملها الا القادة الحقيقون، والتي لم يكن جنرال الرابية المهووس بكرسي الرئاسة ليتردد باستبدالها ب ( نعم ) كبيرة ، فمن يقوم الان بتدمير دستور البلد بمبادرة خنفشارية لتعديله من هنا اوبتعطيل للنصاب من هناك ما كان ليتردد لحظة واحدة بقصف عرسال كرمى لعيون الكرسي .