شيعيّاً ثمّة مواقف من حزب الله على كثير من العناوين المتعلقة بالخدمات وبالاهمال الذي يطال طائفة في قمّة قوّتها من الماء الى الكهرباء وحالات الفقر وعدم التأسيس لمشاريع انمائية انتاجية تتيح فرصاً للعمل لأجيال لا فرص أمامها سوى التطوع المدفوع في سبيل الله تحصيناً لبيئة مهددة في انتصاراتها . وتضيف الأكثرية  الشيعية الصامتة هامسة وبخجل اعتراضاً  على حزب يحمي الدولة ولا يستفيد من خدماتها بما يتناسب مع حجم نفوذه وطبيعة دوره فالبلديات مفلسة وخدماتها تكاد أن لا تُذكر باستثناء بلديات لامعة بالنسبة لبلديات معتمة بالكامل ووزارات الشيعة غائبة عن السمع الشعبي والنواب روّاد مناسبات أطراح وأفراح الأغنياء وجلسات الشاي ومستلزماتها على ضفاف الليطاني والعاصي . باختصار مازالت الطائفة الشيعية  بنظر هؤلاء طائفة محرومة ولولا أسطول المدارس الرسمية  وما تبقى من طرقات صالحة  حتى الآن لما عرف الشيعة طعم العسل في السُم ولما عرفوا نعمة الوصول الى السلطة ولبقيّ هاجس الفقر المُدقع يلاحقهم أينما حلّوا .. طبعاً هناك اعتراض متواضع الحجم للنخب تجد وطأة الحزب على الطائفة واضحة أكثر من وطأته على الآخرين كما تدّعي جماعات 14آذار ولهذا تحاول هذه النخب التماهي مع الهويّات غير الشيعية لعلّ الحزب يلتفت اليها كما يلتفت ويهتم بعناية شديدة بالهويات غير الشيعية .

وتستند النخبة المذكورة والأكثرية المعترضة على سياسة حزب الله الناعمة والسلسة والمتناهية والمتواضعة والمتفانية مع حلفائه من أهل الطوائف الأخرى والمذاهب الأخرى الذين ينعمون برغد العيش وحالات من الترف الملفت في الدولة والمجتمع فحصّة التيّار الوطني حصّة الأسد في أيّ حكومة سواء كانت محاصصة للمستقبل وحلفائه أو صافية برتقالية مائة بالمائة هذا بالاضافة الى الدعم المفتوح والمتنوع بحيث يعامل التيّار بدلال غير عادي واستثنائي كما هو حال باقي الحلفاء من النائب سليمان فرنجية الى المير طلال أرسلان الى مُتخم الجاهلية اضافة الى أحزاب علمانية وطائفية مسيحية وهيئات مشيخية سُنية نما لحمها على موائد كرم حزب الله ولا يمكن اختصار لائحة الأسماء بالمذكورين لأن القائمة طويلة وتشمل كلّ من يقف على يمين المقاومة . لهذا تحاول فئات شيعية التنكرّ لشيعيّتها بالالتجاء الى كنف طوائف أخرى لعلّها تنعم بنعم التحالف مع حزب الله .

لقد أدّى حزب الله دوراً استثنائياً في الحياة السياسية في لبنان بطريقة لا تشبه أحداً على الاطلاق رغم أن لبنان شهد غابات من الشعارات السياسية ومئات الأحزاب الوطنية والقومية واليمينية واليسارية اضافة الى تنظيمات أجنبية وكلها لم تقدّم تجربة ناصعة في هذا المجال كما قدّمها حزب الله . فهو رؤوف مع الغريب وشديد مع القريب حتى في مسألة العمالة والتي يتحسّس منها حزب الله بطريقة غير طبيعية  فهو يتساهل اذا ما كانت متعلقة بالطوائف الأخرى ولا يرحم اذا ما كان المتعامل شيعيّاً والدليل واضح من يوم التحرير وسماحة المقاومة في يوم من أحرج الأيام الى الاعتقالات التي طالت أشخاصاً غير شيعيين في الهوية وغضّ الطرف عن هذا الملف بعدم التدخل في مجرى الأحكام . حتى أن البعض أخذ على حزب الله سكوته من موضوع عمالات طالت جهات من حلفائه .

لهذا حافظ حزب الله على حلفائه بتقديمهم على طائفته في كلّ شيء وتفانى فيهم وبهم وجعلهم شركاء أقوياء يتمتعون بقدرات حزب الله دون أن يسهموا معه في شيء ودون أن يضيفوا له شيء على الاطلاق لقد ربحوا منه ولم يربح منهم .. فعلاً نحن أمام نموذج لا مثيل له في لبنان ولا توجد تجربة لبنانية مشابهة فهو يُطعم ولا يُطعم يحمي ولا يُحمى يعطي ولا يأخذ يجاهد داخلياً وخارجياً بحسب ما يراه من ضرورة وطنية واسلامية والآخرون يكتفون بالتصفيق له ولا يبذلون مؤازرة تسهم في سدّ ثغرة ويكتفون بتصريحات مجانية لا تغني ولا تُسمن من جوع لأن همهم السلطة وحزب الله وفرها لهم بصورة دائمة .

لقد نجح حزب الله في السياسة اللبنانية وبغض النظر عن مواقف جماعة 14آذار التجارية وربح دوره المدروس بعناية شديدة مع شبكات سياسية وطائفية لبنانية وفلسطينية وهذا ما أكسبه رصيداً لم يصل اليه أحد في لبنان من منظمة التحرير الفلسطينية الى الجبهة اللبنانية الى النظام السوري وكل من له علاقة في حكم لبنان أو السيطرة عليه . وقد فضح حزب الله الآخرين من المتخاصمين معه من الذين لا يحسنون التعاطي مع حلفائهم كم يحسن حزب الله فقد زهد في سلطة يعبدها الكثيرون من 8و14آذار وان اعترض معترض على ذلك وقال : بأن زهده قائم على سيطرة غير مباشرة على السلطة الاّ أن ذلك لا يلغي من فارق في الجوهر في مقارنة مع الآخرين الذين يمسكون بالسلطة بكلّ قوّة وان كانوا مسيطرين على سياسات الدولة من خارجها .

حبذا لو يلتفت حزب الله الى طائفته كما يلتفت الى الطوائف الأخرى وخاصة في أبواب الخدمات فمعاناة الشيعة أكبر بكثير من معاناة الأخرين فقوة الطائفة نافعة للطوائف الأخرى ومُضرة بصحة الطائفة الشيعية .