قبل ان يعلن عبد الفتاح السيسي ان أمن الخليج من أمن مصر، كان خادم الحرمين الشريفين قد اتّخذ قراراً عملياً اساسه ان أمن مصر من أمن دول الخليج، وقد ترجم هذا القرار بتقديم مساعدات مالية عاجلة من السعودية ودولة الامارات والكويت، في ما بدا أنه رد على العقوبات الاميركية التي جاءت نتيجة فجيعة واشنطن بسقوط حكم "الاخوان المسلمين" في مصر وانهيار مشروع أخونة المنطقة العربية.

بعد مرور سنة ونيف تقريباً شكّلت قمة الرياض بين الزعيمين قبل يومين، تأكيداً لترسيخ العلاقة الاستراتيجية بين أكبر دولتين عربيتين، وهي علاقة تبدو وسط الظروف الراهنة، اكثر من ضرورية لمحاولة استنقاذ الوضع المشتعل من المحيط الى الخليج تقريباً.
ثلاثة ملفات اساسية كانت محور المحادثات في القمة:
اولاً - العمل على وقف تدهور الوضع في المنطقة العربية ومحاصرة النيران التي تأكل سوريا وتمتد الى العراق على حدود المملكة، في حين تشتعل ليبيا على الحدود المصرية، وتدفع الاصابع الاقليمية الحوثيين الى تخوم العاصمة اليمنية صنعاء، وتتسع الحرائق والفوضى الدموية وهو ما بات يهدد الأمن القومي العربي برمته.
ثانياً - مواجهة مؤامرة اختطاف الاسلام من جانب الارهابيين والتكفيريين، على ما جرى ويجري في سوريا والعراق ويهدد بالتفاقم على يد "داعش" و"النصرة"، والعمل على تصحيح مفهوم الاسلام الوسطي لدى العالم واسقاط الصورة الذهنية السوداء والمشوهة، التي باتت تربط الاسلام عموماً بالعنف والارهاب، من خلال خريطة طريق تعمل في ضوء رسالة خادم الحرمين الشريفين الى العالم بهذا الخصوص قبل اسبوعين.
ثالثاً - العمل لإنهاء العدوان الاسرائيلي الارهابي على غزة وحقن دماء الفلسطينيين، الذين دُفعوا بداية الى رفض مبادرة السيسي لوقف النار، ثم ذهبوا الى القاهرة للتفاوض بما ينهي الحصار الجائر على القطاع.
الامير سعود الفيصل أكد اهمية القمة التي تأتي وسط حروب تشتعل في ارجاء البيت العربي ويتقاطع فوقها تدخّل قوى خارجية تنفخ في الفتن الداخلية، في وقت تشتد الحاجة الى التضامن معاً والصمود لدرء هذه المخاطر، والناطق باسم الرئاسة المصرية ايهاب بدوي قال: "ان الزعيمين اتفقا على العمل معاً للنهوض بالأمتين العربية والاسلامية وبذل الجهود لتصحيح صورة الاسلام امام العالم بعدما باتت مرتبطة بالعنف والارهاب نتيجة ما اصابها من تشويه".
القمة السعودية - المصرية ترسّخ علاقة استراتيجية بين البلدين ليشكلا رافعة عربية واسلامية تقع على عاتقها مسؤولية دقيقة وحاسمة في هذه المرحلة الصعبة التي لم تعرفها المنطقة من قبل، وفي وسع البلدين ان يلعبا دور كاسحة او اطفائية، تعمل لوقف تمدد الحرائق المندلعة تمهيداً لرسم خريطة طريق للخروج من النفق المظلم.