عن اي جحيم يمكن ان يبتلع العراق يتحدث نوري المالكي ان لم يتم انتخابه لولاية ثالثة، وهل يظن ان العراق يعيش في النعيم وقد بات نصف البلاد في قبضة "داعش" والارهابيين، بينما الفساد ينخر جسم الدولة التي تتهاوى؟

لست انا من يطرح هذا السؤال، لكن وسائل الاعلام تنقله عن عدد من السياسيين والمراقبين ومنهم مثلاً صادق عبد الرحمن الذي يقول "ان الولاية الثالثة ستدمر العراق"، فقد كان من المثير ان يقف المالكي في البرلمان قبل يومين ليعلن انه ان لم يتم اختياره رئيساً للحكومة مرة ثالثة فإن ابواب الجحيم تفتح على العراق.
حال اليأس هي التي تدفع المالكي الى قول هذا، وخصوصاً بعد الأنباء التي تحدثت عن ان المرشد علي خامنئي بات يماشي المرجع الاعلى علي السيستاني في رفض بقاء المالكي رئيساً للحكومة لكنه يشترط بقاء المنصب للشيعة، وهو ما عاد به وفد "حزب الدعوة" الذي كان قد زار طهران والتقى هاشمي رفسنجاني وعلي شمخاني، ولهذا فان كتلة "دولة القانون" تتجه الى التخلي عن ترشيحه واختيار نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي بديلاً منه.
من المثير ان يعلن المالكي رفضه "التدخل الخارجي" في شؤون العراق الداخلية، والمعروف انه رجل طهران في العراق، لكن الايرانيين لا يريدون المراهنة على حصان خاسر وفاسد بعد الآن، وخصوصاً بعدما انضمت كل المراجع الشيعية في قم الى السيستاني في مطالبته بالتنحي، لأنه "مكمن الخلل في ادارة الدولة وان ما يحدث من المآسي إنما هو نتيجة قيادة فاسدة لا تهتم إلا بمنافعها الشخصية والحزبية الضيقة ولا تعبأ بمصالح الشعب المظلوم"!
المشكلة ان المستوى السياسي في العراق غارق في خلافاته في حين تواصل "داعش" تمددها وباتت تسيطر على نصف البلاد وتتوسع في الموصل وكركوك وديالى ونجار، وقد نزح نصف مليون عراقي الى الكهوف هرباً من القتل والسبي، بينما هناك مليون نازح آخر تركوا بيوتهم. كل هذا والمالكي يتحدث عن الجحيم في غيابه بينما حضوره السلطوي هو الجحيم!
المالكي كان طالب بضمانات قانونية وادارية وبعدم محاسبته على كل الاحداث وعلى الفساد الذي تورط فيه، وقيل انه اشترط عدم ملاحقته هو واقربائه وأركان حزبه مالياً وعدم فتح ملفات الفساد قضائياً، وعدم إثارة فضيحة أوامر الاعتقال والتعذيب التي اصدرها، وقد تمادى في شروطه لقبول التنحي مطالباً بمنحه موقعاً مهماً في داخل الدولة كتعيينه نائباً لرئيس الجمهورية واعطاء وزارة الداخلية لأحد المقربين منه والاحتفاظ بالأبنية الرسمية مقرات له ولحزبه!
يجمع العراقيون على ان هذه الشروط الثقيلة هي دليل على مدى ثقل تورطه في الفساد!