تعتبر الخلافة الاسلامية نظام الحكم في شريعة الاسلام وتقوم نظرية الخلافة على استخلاف قائد مسلم ليحكم وفقا لشرائع الدين الاسلامي الحنيف , وتعتبر الغاية من الخلافة تطبيق الاحكام وتنفيذها وتبيان الرسالة الاسلامية الى العالم من خلال الدعوة حينا والجهاد أحيانا .
وسميت بالخلافة لأن هذا القائد من المفترض أن يخلف رسول الله محمد (ص) .
وقد كانت الخلافة الاسلامية على مر العصور محط تقدير وتبجيل وأنتجت في فتراتها المتلاحقة علوما عديدة ومتنوعة من الادب والفن و الحضارة استفاد منها العالم أجمع .
واليوم يعود الحديث عن الخلافة الاسلامية من بوابتي الحرب والسياسة وتحديدا بعد أزمتي العراق وسوريا عبر تنظيم داعش الكلمة المختصرة لعبارة الدولة الاسلامية في العراق والشام .
ولكن هذه الخلافة لم ترق الى التعاليم والمفاهيم التي حملتها الخلافة الاسلامية من التسامح ونشر الدعوة بالحسنى وحماية الاقليات وإنما انطلقت هذه الدعوة الجديدة على خلفية إلغاء الآخر ونشر العب والخوف في كل مكان مرت فيه أو سيطرت عليه ثم لا يخفى أن هذه الخلافة خلقت في دوائر الاستخبارات العربية و الدولية وهي تعمل وفق أجندات ليست من تعاليم الإسلام في شيء .
وفي نظرة سريعة على رأي بعض الفقهاء من الدعوة الجديدة للخلافة الاسلامية بقيادة داعش يتبين موقف الاسلام الحقيقي والصريح من هذه الدعوة وأبطالها .
فقد أوضح أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الأزهر أحمد كريمة رأي الفقه الإسلامي في إعلان «دولة الخلافة» وقال في حديث لصحيفة السفير  «لا توجد في التاريخ الإسلامي خلافة سياسية نسبت إلى الإسلام، بل كانت خلافة لمهام دعوية. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ستكون خلافة على نهج النبوة، ثم تكون ملكا عضوضاً».
وقال أن الخلافة الدعوية كانت في عهد الخلفاء الراشدين، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن، رضي الله عنهم، خلافة لحراسة الدين، بدليل قول الرسول «على نهج النبوة»، ثم انقلبت إلى حكم سياسي في العهد الأموي والعباسي والتركي، بدليل قوله «ملكاً عضوضاً».
ويضيف كريمة «وبتنزيل هذه النصوص على الواقع، قرر الفقيه الدستوري الدكتور عبد الرازق السنهوري أن الخلافة في عالمنا المعاصر تبدو مستحيلة، واقترح أن تحل محلها جامعة إسلامية. وفي ضوء ذلك فإن ما تروجه جماعة الإخوان وتنظيمات العنف المسلح من خلافة سياسية كلام باطل من الناحية العلمية الصحيحة السليمة».
ويقول وكيل وزارة الأوقاف المصرية السابق عبد الجليل سالم أن «منظمة داعش معروفة بأنها لا تمثل المسلمين، ولا حتى فصيلا منهم. وهي مجرد منظمة إرهابية. وغير منطقي أن تكون الداعية للخلافة. أما دعوتها إلى الهجرة إليها (الدولة الإسلامية المعلنة) فكلام تافه، فالمسلمون يعيشون في بلادهم، ويقيمون شعائرهم الدينية، ويؤدون واجباتهم والتزامتهم، فلماذا إذاً الدعوة إلى الهجرة»، مشدداً على ان «داعش مثل باقي التنظيمات الإرهابية وستنتهي مثل غيرها».
ومن جهته يقول رئيس قسم الفقه المقارن في جامعة الأزهر سعد الدين الهلالي أن جوهر فكرة الحكم في الإسلام أن «الإسلام لا يعرف إلا حكم العدل بناء على قوله تعالى (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)، هذا هو جوهر الحكم في الإسلام بعيدا عن المسميات».
ويشير إلى ان «المسميات التي تذكر تحت شعار ديني القصد منها مكسب دنيوي»، ولفظ الخلافة تطلقه داعش لمداعبة مشاعر المسلمين، في حين أن الإسلام لا يدعو إلا للحكم العادل، حتى ولو كان الحاكم غير مسلم».
ويضيف أن «الرسول صلى الله عليه وسلم قال عن النجاشي ملك الحبشة (ملك لا يظلم عنده أحد)، ولم يكن مسلماً. إذاً الخلافة التي تقوم على الدماء والسلب وهتك الأعراض ليست من الإسلام. والمقدمات التي بادرت بها داعش كانت دموية ولا ترقى إلى ان تكون من الأخلاق الإسلامية».
ويرى الهلالي أن «داعش جماعة سياسية واستخدامها لمصطلح الخلافة استخدام سياسي، مثلما استخدم الإخوان المصطلح ذاته، ومثلما استخدم الخوارج مصطلح (الحاكمية)، مشيراً إلى ان هذه «مجرد شعارات القصد منها التجارة والمكاسب السياسية».
وبدوره قال الشيخ علوي امين أحد مشايخ الأزهر ان «جماعة داعش الارهابية صنيعة الاستعمار والاستخبارات الاميركية والغربية وغرضها تقطيع رقاب المسلمين وتفتيت الامة الاسلامية»، داعياً «المجتمع الاسلامي أجمع الى الوحدة والوقوف جنبا الى جنب للتصدي الى هذه الجماعة»، التي اعتبر ان «الدين منها براء».
ومن جهته أصدر الأزهر بياناً منذ أيام قال فيه إنه «يراقب بقلق بالغ الأحداث المتسارعة، في العراق، وتنامي البعد المذهبي والطائفي في هذه الأحداث»، مهيباً «بجميع المسؤولين بذل أقصى ما في وسعهم للحيلولة دون إزهاق أرواح المواطنين الأبرياء، أياً كانت انتماءاتهم المذهبية أو العرقية أو الطائفية أو الجغرافية، بما في ذلك ضرورة التصدي بكل الوسائل لأي تحريض قد يطال أو يمس الرموز أو المؤسسات الدينية حفاظاً على وحدة الأمة».
اما الطيب فاكتفى بالقول، لدى لقائه المرجع السني العراقي عبد الله السعدي قبل اسبوعين، إن «بروز تنظيم داعش نتيجة طبيعية لسياسة التهميش في العراق، مهيبا بجميع العراقيين وخاصة رجال الساسية أن ينحوا مصالحهم الحزبية والطائفية والعرقية، وأن يبحثوا فورا عن صيغة توافقية جديدة ينقذون بها العراق وشعبه من التطرف بكل أشكاله، ومن القوى الخارجية التي تتربص به حفاظا على سيادته ووحدة أراضيه».