جاء شهر رمضان المبارك حاملاً بجعبته، كعادته، الكثير من المسلسلات اليومية التي ينتظرها عشّاق الدراما في عرضها الماراثوني السنوي، حيث بدأت القنوات العربية في عرض مسلسلاتها وسط حالة من الترقب خشية تأثير الأحداث السياسية التي تعيشها معظم الدول العربية وتأثير مباريات كأس العالم على نسبة إقبال المشاهدين.

ويُلاحظ ابتعاد غالبية المسلسلات عن السياسة، في الوقت الذي تطغى فيه المواضيع الاجتماعية والكوميدية، لإخراج المشاهد شيئاً ما من حالة الضغط النفسي الذي فرضته عليه الأوضاع السياسية المتأزمة خلال الفترة الماضية، بالإضافة إلى المجهول الذي ينتظر المنطقة ككل.

وفي هذا السياق يؤكّد لموقع لبنان الجديد المخرج السوري (غ.ع) بأن "الشعب السوري بشكل عام يرفض تجسيد الواقع المرّ بالدراما لأنهم تعبوا وقرفوا من الواقع المرير. وإن كان هناك مسلسلات درامية لها علاقة بالأزمة السورية فعلى الأغلب أن معظم الناس لن تشاهدها، وستلجأ أكثر للدراما التي يمكن أن تخرجها من هذا الواقع المرّ."

ويتابع (غ.ع) "ولهذا السبب نرى تراجعاً في تسليط الضوء على الأزمة السورية في الأعمال الدرامية لأن الجراح قد أُثخِنت فهناك خسائر بشرية ومادية لا تعد ولا تحصى وهناك جوع وألم ووجع، فلم يعد من الممتع بعد اليوم متابعة مسلسلات تنبش الجراح، ولم تعد الناس ككقبل مغرومة بالثورة لأن التطرف ابتلع الثورة السورية."

ويشير إلى أن "هناك غايتان من إنتاج الدراما السورية داخل البلد، إما لأن الناس تريد أن تعتاش وإما لإن النظام يحاول أن يجسد الواقع مسيّساً لمصلحته عن طريق دس السم في العسل."

"أما الدراما التي هي خارج سورية تندرج تحت أكثر من احتمال، الاحتمال الأول تجاري ومهني بحت، فالمنتج أو الممول أصبح يستفيد من نجومية الممثلين السورين، أما محاكاة الأزمة فهو إما أن يقوم النظام بالإنتاج متخفياً وإما من ات تقوم جهات أخرى بالانتاج تعمل على تسييس الواقع السوري على هوى أجندتها."

 

ويُلاحظ أيضاً في رمضان الحالي، وبعد سنينٍ من الإنحطاط الدرامي، سطوع نجم الدراما اللبنانية المشتركة مع الدراما السورية والمصرية، من خلال مسلسلاتٍ عدّة غزت الشاشات اللبنانية والعربية.

وفي هذا السياق كان لموقع لبنان الجديد حديثاً مع المخرج اللبناني "هيثم شمص" ليوضّح لنا أسباب فشل الدراما اللبنانية منفردة في الوقت الذي سطع نجمها بالمشاركة السورية والمصرية.

يقول شمص "الدراما اللبنانية لم يسطع نجمها دون مشاركة لأن المشكلة الأولى في الدراما اللبنانية هي أننا لا نملك كتّاباً، وفي حال كان هناك كُتّاب فالمشكلة تكمن وقتها في المواضيع التي تُكتَب، واللغة المحكية في المسلسل اللبناني مثيرة للضحك، لدرجة أن الممثل اللبناني يكون جدّي بشكل جدّي كبير في التمثيل ويفتقد للعفوية وللغة الواقع، في الوقت الذي نرى الممثل المصري أو السوري يحكي في المسلسل بلغته التي يتكلّم بها في حياته الواقعية، وهذا سرّ نجاحه."

ويضيف شمص "ونلاحظ أن أيّ عمل لبناني غير مشترك مع دراما مصرية أو سورية يحكي مواضيع غير واقعية، ويكون نمطي بشكل مقيت، ويكون بعيداً عن أي من القضايا التي تخصّنا، بعكس الأعمال المصرية والسورية."

متسائلاً "كيف يمكن للدراما اللبنانية أن تنجح في الوقت الذي لا نجيد الكتابة، ونتكلم بلغة ليست لغتنا وكاّنها لغة مستوردة من كوكب آخر."

ولفت المخرج هيثم شمص إلى أنه "بعد الاختلاط لاحظنا تحسن أداء الممثلين اللبنانين، فالأعمال المشتركة أغنت الدراما اللبنانية بعد أن كنا بالحضيض، فتحسنت لغتنا المحكية في المسلسل من خلال مبدأ التفاعل مع الغير."

وعن محاكاة الواقع السياسي يقول شمص "لا أعتقد أن أي مسلسل مشترك يحاكي الوضع السياسي اللبناني، لأن مسير الأمور لم يتضح بعد، والتغيير هو العنصر الدائم في الأزمات السياسية العائمة على المجهول. ولذلك نرى أن الموضوع السياسي خفّ وهجه في الدرامات كافة."