في ظلّ الحديث المتنامي عن الخلايا الإرهابية النائمة الموجودة على الأراضي اللبنانية في هذه الأيام، تعود بلدة مجدل عنجر البقاعية إلى الواجهة من جديد، إنطلاقاً من بعض التحركات المشبوهة التي تحصل من جهة، ونظراً إلى تاريخها الحافل بالتناغم مع بعض التنظيمات المتطرفة من جهة ثانية.
مع بدء التحركات على الأراضي العراقية، عاد البعض بالذاكرة إلى أيام الغزو الأميركي لبلاد الرافدين في العام 2003، حيث كانت مجدل عنجر من أولى البلدات اللبنانية التي خرج منها مقاتلون للإنضمام إلى التنظيمات المتطرفة هناك، لا سيما تلك المنضوية تحت لواء تنظيم "القاعدة"، وبدأوا بالحديث عن إمكانية ظهور جيل جديد من المقاتلين الذين قد يذهبون إلى "الجهاد" في العراق من جديد.
من وجهة نظر مصادر متابعة، تعتبر مجدل عنجر تاريخياً المركز الرئيسي للحركات السلفية في البقاع، وهي تأتي في المرتبة الثانية بعد طرابلس على الصعيد اللبناني، ويعود أول ظهور لهذه الحركات فيها إلى أواخر ثمانينيات القرن الماضي مع عودة بعض الخريجين من الجامعة الإسلامية في المدينة المنوّرة.
وتشير هذه المصادر، عبر "النشرة"، إلى أن البلدة لم تكن بعيدة عن التفاعل مع أي حراك ذو توجه إسلامي في المنطقة، فهي بعد أن أرسلت العديد من أبنائها إلى العراق، عادت لتقوم بالأمر نفسه بعد إندلاع الأحداث السورية، حيث ذهب عدد منهم للقتال إلى جانب قوى المعارضة ضد الجيش النظامي، وهي لا تخجل من هذا الأمر بل على العكس من ذلك يعتبر قسم كبير من أبنائها أنهم يقومون بـ"واجبهم الديني".
إلى جانب المشاركة "الجهادية"، تلفت المصادر نفسها إلى تحركات تضامنية كانت نُظمت إنطلاقاً من هذه البلدة البقاعية، من مظاهرات إلى إعتصامات إلى عمليات قطع الطرق، وتؤكد أنها لم تكن بعيدة عن عيون الشخصيات المتطرفة التي حاولت البروز على الساحة اللبنانية، وزاروها في مناسبات عدّة لإقامة النشاطات المختلفة، وهي كانت نقطة أساسية في تحركاتهم الضاغطة على الدولة اللبنانية في كل مرة.
في هذا السياق، تؤكد مصادر مطلعة وجود تحركات تثير حولها الشُبُهات وعلامات الإستفهام في البلدة، حيث يدور الحديث في الأوساط البقاعية عن إحتمال وجود خلايا إرهابية نائمة بداخلها، ويرى البعض أن هذا الأمر مؤكد وليس من باب المعلومات غير الموثوقة التي ينفيها البعض الآخر، وتدعو المصادر إلى متابعة هذا الواقع بشكل دقيق.
وتحدّثت هذه المصادر، لـ"النشرة"، عن وجود أفراد من جنسيات عربية وأجنبية داخل البلدة تتولّى قيادة هذه الخلايا، وان بعضهم يقطن مجدل عنجر منذ أشهر طويلة، لكن الأعداد إرتفعت بشكل لافت بعد المعركة التي شهدتها منطقة جبال القلمون السورية بسبب إرتفاع وتيرة حركة النزوح. وتشير إلى أن هناك صعوبة في متابعة ملف هؤلاء من قبل الأجهزة الأمنية التي لا تتمتع بحرية الحركة بشكل كامل داخل البلدة.
وترى المصادر أن مجدل عنجر بالنسبة إلى هؤلاء تعد "مقراً آمناً"، ويمكن أن تكون نقطة إنطلاق إلى أكثر من مكان، وتعتبر أن هناك رغبة على ما يبدو في عدم تسليط الأضواء عليها في المرحلة الراهنة بهدف إبقائها بعيداً عن الشبهات، مع العلم أنها كانت مصدراً لبعض العمليات الأمنية التي إستهدفت مواكب أمنية تابعة لـ"حزب الله" كانت في طريقها إلى الأراضي السورية عبر معبر المصنع في وقت سابق.
من وجهة نظر هذه المصادر، من هم في "المجدل" أخطر من أولئك الذين يسيطرون على جرود عرسال، لأنهم قياديون في الجماعات المتطرفة لا أشخاص عاديون، وهذا الأمر يحتم بقاءهم بعيداً عن الأنظار، إلا أنها تؤكد أن تسارع الأحداث سيخرج البعض منهم إلى الأضواء.