لا تزال الأوضاع المستجدة في العراق خارج السيطرة ,ولم تستطع بعد الحكومة العراقية وأي من الدول والاطراف المعنية مواكبة الاحداث بدقة ,وما زالت الاجواء السياسية والامنية إلى اليوم ضبابية إلى حد كبير إذ لم يُعلن بعد عن أي معالجات سياسية وأمنية تفضي إلى الخروج من هذه الأزمة ,إلا أن ذلك لم يمنع أن تكون تطورات الأحداث في العراق القضية الأساس في المنطقة نظرا لخطورة التداعيات السياسية والأمنية التي نشأت من الواقع المستجد حيث تصاعدت حدة التصريحات والخطابات التي تتناول الأزمة العراقية من جوانبها المتعددة وفيما طالبت تصريحات عدة باستقالة رئيس الوزراء نوري المالكي على اعتبار ان بعض الدول الغربية و الخليجية ترى فيه سببا رئيسيا للمشكلة طالبت جهات اخرى بضرورة تشكل حكومة وحدة وطنية عاجلة .
وفي تطور لافت دعى المرجع الشيعي آية الله السيد علي السيستاني إلى تشكيل حكومة جديدة في بغداد تحظى بقبول وطني وتتدارك الأخطاء السابقة في إشارة جديدة من المرجعية الشيعية تتضمن اعترافا بوجود اخطاء في حكومة نوري المالكي وربما تحمل انتقادات على طريقة تعامله مع شرائح كبيرة من أبناء المجتمع العراقي كما حاولت المرجعية التخفيف من حدة الاحتقان الطائفي والمذهبي الذي رافق التطورات الامنية في البلاد حيث اعتبر ممثل المرجع السيستاني السيد احمد الصافي أن دعوة المرجعية المواطنين للتطوع في صفوف القوات الأمنية لم تكن ذات منطلق طائفي بل كانت لمحاربة "داعش" التي هددت باستهداف مقدسات كافة المكونات العراقية، معتبرا تنظيم "داعش" بلاء عظيم ابتليت به المنطقة وقال خلال خطبة صلاة الجمعة التي اقيمت في الصحن الحسيني بمحافظة كربلاء إن "دعوة المرجعية الدينية للتطوع للانخراط في صفوف القوات الامنية كانت موجهة الى جميع المواطنين من غير اختصاص بطائفة دون اخرى"، مبيناً انه "كان الهدف هو الاستعداد والتهيء لمواجهة الجماعة التفكيرية المسماة بداعش التي اصبح لها اليد العليا والحضور الاقوى فيما يجري بعدة محافظات .
وركزت التصريحات الغربية على أهمية تشكيل حكومة وحدة وطنية حيث أكد الرئيسان الفرنسي والأميركي فرنسوا هولاند وباراك اوباما، مساء أمس، ضرورة تشكيل "حكومة وحدة وطنية" في العراق، بحسب ما أعلن قصر الرئاسة الفرنسي في بيان في ختام محادثات هاتفية بين الرئيسين. وأوضح البيان أنّ الرئيسين "شددا على خطورة الوضع وعلى ضرورة إيجاد حل سياسي دائم على أساس حكومة وحدة وطنية. واتفقا على أهمية تنسيق جهودهما من اجل التوصل إلى هذه الأهداف".
من جهتها، أعلنت الخارجية الأميركية، أمس، أنّ الوزير جون كيري سيبدأ غداً جولة في أوروبا والشرق الأوسط يجري خلالها مشاورات تتناول الأزمة العراقية. وقالت الخارجية انه بين 22 و27 حزيران الحالي سيتوجه كيري إلى عمان ثم إلى بروكسل وباريس لإجراء "مشاورات مع شركاء وحلفاء تتناول كيفية تقديم دعمنا لأمن واستقرار العراق وتشكيل حكومة جامعة"، إضافة إلى التباحث في التحديات على الصعيد الأمني في الشرق الأوسط ... وخصوصاً في العراق وسوريا.
من جهته شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اتصال هاتفي أجراه مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أمس، على أنّ "نشاط المتطرفين الذين يخوضون معارك على أراضي سوريا اكتسب طابعاً يتجاوز حدود الدول وبات يشكل تهديداً للمنطقة برمتها".
وأما الموقف الإيراني فقد عبّر عن امتعاضه من التصريحات الامريكية حول الأزمة العراقية ووجهت إيران انتقادات علنية حادة  إلى الإدارة الأميركية حيث اعتبر مساعد وزیر الخارجیة للشؤون العربیة والأفریقیة حسین أمیر عبد اللهیان أنّ الرئيس باراك أوباما يفتقد "الإرادة الجادة لمواجهة الإرهاب في العراق والمنطقة"، مضيفاً أنّ أميرکا ترکز الیوم في العراق علی تصعید الطائفیة، بدلا من التركيز على مكافحة الإرهاب وعلی الوحدة الوطنیة وسلطة الحكومة ومؤسسات الدولة". واعتبر أنّ "تسویة الأزمة العراقیة تكمن في خطوتین واضحتین" هما الوحدة الداخلية، إضافة إلى الوحدة في العملیة السیاسیة علی "أساس نتائج الانتخابات البرلمانیة الأخیرة في العراق.
وتأتي هذه التصريحات الإيرانية كرد على المطالبة بتشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كل مكونات الشعب العراقي سيما وأن ايران من الداعمين الأساسيين لحكومة نور المالكي وكذلك تدو إيران الى إعادة تكليف نوري المالكي على رأس الحكومة العراقية الجديدة بعد الانتخابات التشريعية التي شهدها العراق من أسابيع .
ومن الواضح حتى هذه الساعة أن هناك صراعات عدة بين الدول المعنية في الأزمة العراقية خصوصا بين ايران والمملكة العربية السعودية ويبدو أن المعالجات ليست متوفرة حتى الآن سيما مع انقطاع التواصل بين طهران والرياض .

كاظم عكر