بحضور ممثلي 43 دولة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، انعقد في روما أمس مؤتمر لدعم تسليح القوات المسلحة اللبنانية.
ولوحظ غياب ممثلي الدول الخمس الكبرى، اي وزراء خارجية الولايات المتحدة جون كيري، وروسيا سيرغي لافروف، وفرنسا لوران فابيوس، وبريطانيا وليم هيغ، والصين وانغ يي، وانتداب من يمثلهم،واعتبر ذلك رسالة مفادها ان "اهتمامات تلك الدول بلبنان هي قيد المراجعة في ظل الانقسام الحاد بين القوتين السياسيتين الرئيسيتين 8 و14 آذار التي منعت انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد مرور 25 يوما على خلو كرسي الرئاسة".
افتتحت المؤتمر وزيرة الخارجية الإيطالية فيديريكا موغيرني بكلمة اعتبرت فيها اللقاء بداية عملية طويلة لدعم الجيش، مشيرة إلى توسيع لائحة المدعوين ليشمل دولاً جديدة. وشددت على أهمية الاستقرار في لبنان بشقيه، حماية الحدود والحرب على الإرهاب. ورحبت بتعيين الجنرال الإيطالي لوتشيانو بورتولانو على رأس قوات اليونيفيل.
وتحدثت وزيرة الدفاع روبرتا بينوتي عن ضرورة أن تكون الطروحات واقعية، مشيرة إلى أن دولاً كثيرة ترغب في مساعدة لبنان الذي يعاني من ثقل الأزمة السورية. وأعلنت عن قرار إيطالي بإنشاء مركز في الجنوب لتدريب الجيش.
وتحدث وزير الدفاع اللبناني ممثلا رئيس الحكومة  فقدّم رؤيته الاستراتيجية للدفاع عن لبنان، بصفته «منطقة عازلة» بين «جارين ينتميان إلى محورين متخاصمين»!وعدد مقبل احتياجات الجيش اللبناني .
ثم تحدث وزير الخارجية جبران باسيل فشدد على أن ضمانة الاستقرار في لبنان هي «الشراكة الحقيقية بين أبنائه»، وأن أي«تسوية عابرة في انتخابات رئيس أو تشكيل حكومة أو انتخاب برلمان لن تولّد إلا استقراراً هشاً لن يلبث أن يزول». وأكد «تأمين الوفاق السياسي عبر انتخاب رئيس للجمهورية يكون قوياً وميثاقياً» وعبر «قانون انتخابي جديد ينتج برلماناً جديداً». وإقليمياً، حذّر من تفتيت المنطقة إلى كيانات طائفية، مشيراً إلى أن أحداث العراق الأخيرة أثبتت أنه لن يكون سهلاً بعد اليوم حصر الصراع في سوريا ومنع تدحرجه إلى الدول المجاورة «طالما أن له ظهراً وظهيراً» في سوريا. وحذر من أن هذه «الدحرجة» ستطاول الدول المجاورة، خليجياً من جهة الأردن، وأوروبياً من جهة تركيا، ومتوسطياً من جهة لبنان، لافتاً إلى أن هذه الدحرجة «بدأت أساساً في لبنان، وساهم في وقف زحفها تدخل فريق لبناني داخلي، أبعد الخطر الخارجي الإرهابي عن لبنان، وهو ربح كبير، إلا أنه عمّق الانقسام الطائفي، وهو خسارة كبيرة ما كانت لتقع لو أن من قام بالمواجهة كان جيش لبنان». وشدد على أن لبنان «رأس الحربة في محاربة الإرهاب»، و«إذا كان البعض يتحدث عن هلال شيعي وقمر سني وفطائر مسيحية في المنطقة، فإننا نرى أن هناك فطائر إرهاب تتشكل وهلال إرهاب يتكون وقمر إرهاب يتبادر». ورأى أن «تغيير الحدود في المنطقة والتلاعب بالكيانات وجعل سوريا والعراق ملاذاً للإرهاب وتشجيع التغير بالقوة أو بقوة الخارج، كلها ليست من عوامل الاستقرار». خصّ بالذكر «الهبة السعودية غير المسبوقة» لدعم الجيش.
وبعد مقبل وباسيل أعطيت الكلمة لمساعد الأمين العام للأمم المتحدة جيفري فيلتمان، الذي تحدث عن خطورة الحرب المستمرة في سوريا على لبنان، وضرورة مواجهة ذلك بدعم الجيش الذي قام بعمل جيد في لبنان. وتحدث مساعد وزير الخارجية الأميركي لاري سيلفرمان الذي كان الوحيد الذي ذكر القرار 1559.
وكان الهدف السياسي الأول للمؤتمر الوزاري الذي انعقد في مقرّ وزارة الخارجية الإيطالية في روما أمس هو «دعم الجيش اللبناني لكي يتحوّل الى الممثّل الشرعي الوحيد للقوى المسلّحة».
هذا التوصيف الذي أدلى به لـ«السفير» مصدر ديبلوماسي إيطالي واسع الاطلاع، ليس تفصيلاً في ذهن الإيطاليين والدول والمنظمات الدولية الـ41 التي توافدت بدعوة من الحكومة الإيطاليّة لتشريح آليات الدعم للجيش اللبناني، لأنها عمليا تغمز من قناة «حزب الله».
في هذا الإطار، سألت «السفير» ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في المؤتمر السفير الأميركي السابق في لبنان جيفري فيلتمان عمّا إذا كان دعم الجيش اللبناني يندرج في إطار استهداف «حزب الله» فقال: «إنّ دعم الجيش يعني دعما لاستقرار لبنان ولأمنه ولوحدته، ومن خلال خدمتي في لبنان أدرك جيدا كم أنّ الجيش هو من أقوى الرموز التي تعبّر عن الدّولة وعن الوحدة اللبنانية، وأعتقد أنّ حزب الله لا بدّ أن يعترف بذلك».

البيان الختامي
جدد المجتمعون في «المؤتمر الدولي حول دعم القوات المسلحة اللبنانية» دعمهم القوي لسيادة لبنان وسلامة أراضيه ووحدته واستقلاله، معلنين استعدادهم لدعم القوات المسلحة اللبنانية خلال عملية بناء وتعزيز القدرات من خلال أدوات التنسيق القائمة للمساعدة الدولية، مشددين على «أهمية أن يكون تعزيز القوات المسلحة اللبنانية متوازيا مع حراك من قبل القيادات السياسية اللبنانية لضمان استمرارية مؤسسات الدولة اللبنانية، وذلك من أجل استمرار الاستقرار في لبنان».
وعبر المجتمعون، في البيان الختامي الذي صدر عن المؤتمر أمس في روما، عن «أسفهم العميق لعدم انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة التي حددها الدستور، معبرين، في الوقت نفسه، عن دعمهم الكامل للحكومة اللبنانية في تأدية واجباتها خلال هذه الفترة الانتقالية وفقا لأحكام الدستور إلى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع وقت ممكن في سبيل الثقة والاستقرار في لبنان».
كذلك شدد المجتمعون، على «أهمية الجهود التي يبذلها لبنان، بدعم من المجتمع الدولي، لتعزيز فعالية القوات المسلحة اللبنانية لضمان تحسين قدرتها على القيام بالواجبات المنوطة بها، بما في ذلك الواجبات المتعلقة بتطبيق القرار 1701 ولمواجهة التحديات الأمنية المتزايدة الناجمة عن النزاع في سورية»، لافتين إلى «الأهمية المستمرة للتطبيق الفعَّال للقرار 1701، وقرارات أخرى تتعلق باستقرار لبنان وبالسلام والأمن الإقليميين، وبالحاجات الخاصة للقوات المسلحة اللبنانية في جنوب لبنان»، مؤكدين «أهمية الاستمرار في احترام سياسة النأي بالنفس من أجل الأمن والاستقرار». وأشاروا إلى «نداءات مجلس الأمن في بياناته الرئاسية في ما يتعلق بالالتزام بإعلان بعبدا».
كما أخذ المجتمعون بعين الاعتبار «الضغوطات الاستثنائية على القوات المسلحة اللبنانية وأقروا باستجابتها الفعّالة للتحديات الأمنية المتزايدة في لبنان وجهودها لضبط الحدود مع سوريا وعملها مع قوات اليونيفيل للحفاظ على الهدوء في محيط الخط الأزرق».
ولفتوا إلى أن «القوات المسلحة اللبنانية لا تزال عنصرا أساسيا، وكذلك رمزا، لوحدة لبنان الوطنية»، وسلطوا الضوء على «التعاون بين الأجهزة الأمنية المختلفة، الذي يعد عاملا أساسيا في النجاحات الأمنية الأخيرة بما في ذلك التصدي لخطر الإرهاب». وأقر المجتمعون «بالمساندة القوية التي توليها حكومة تمام سلام للقوات المسلحة اللبنانية والأجهزة الأمنية والتي تعتبر محورية في هذا الإطار».
وأشاروا إلى أن «مجموعة الدعم الدولية عملت على حشد المزيد من الدعم للبنان في مجالات أساسية، بما في ذلك ما يتعلق بمساعدة اللاجئين من سوريا ودعم المجتمعات المحلية المستضيفة والبرامج الحكومية التي تأثرت من جراء الأزمة السورية، فضلاً عن دعم القوات المسلحة اللبنانية وهي تعمل على مواجهة التحديات المتزايدة لأمن لبنان».
وفيما أقر المجتمعون بـ«ضرورة معالجة الأولويات المباشرة، فقد أكدوا كذلك قيمة التخطيط على المدى الطويل من أجل استقرار لبنان والمنطقة». وفي هذا الإطار، هنأوا «القوات المسلحة اللبنانية على تحديد عناصر أولية لرؤية القوات المسلحة اللبنانية للعام 2025، كما شجعوها على وضع رؤية شاملة للمدى الطويل».
ورحب المجتمعون بشدة «بالدعم الدولي الإضافي الذي يتم تقديمه بالفعل تماشياً مع خطة تطوير القدرات من الولايات المتحدة، وهي الشريك على المدى الطويل للقوات المسلحة اللبنانية». وكشف البيان أن الولايات المتحدة «تنوي تقديم مساعدات إضافية، بما في ذلك في مجالات مكافحة الإرهاب والأمن الحدودي ومجالات أخرى ذات صلة».
وأقر المجتمعون التعاون القوي بين الأمم المتحدة والقوات المسلحة اللبنانية، وتشجيع مجموعة الدعم الدولية الذي ساهم في «تسهيل انعقاد هذا الاجتماع الوزاري الموسع في روما».
وشكر المجتمعون الحكومة الإيطالية على استضافة المؤتمر الوزاري حول الدعم الدولي للقوات المسلحة اللبنانية برعاية أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون والاجتماع التحضيري للمسؤولين الرفيعي المستوى الذي عقد في روما في 10 نيسان 2014.