علي سبيتي

أرهق حزب الدعوة منذ تسلمه رئاسة الحكومة البلاد والعباد من خلال امتداد شبكات الفساد في بنيتيّ الدولة والمجتمع وأعانه على ذلك حلفاء له في محاصصة الفساد من السُنة والأكراد وبذلك تم توزيع العراق على الطبقة المتحكمة برقبة الطوائف والمذاهب العراقية وألهوا الناس بطقوس وشعائر مذهبية مُضافة تبقي العراقي متعلقاً بالأقفاص والمقامات ومقيم دائم في الصحن الحيدري وغيره من صحون العاطلين عن العمل ممن عبأتهم الشركات الدينية التابعة للتيّارات الشيعية وعلى اختلاف أحجامها ..

في المقارنة بين الدولة والإقليم تبدو المقاربة والمقارنة مجحفة بحقّ كردستان العراق لجهة الأمن والاستقرار والتنمية والبحبوحة الاقتصادية والاستثمارات المحلية والأجنبية وصعود وتقدّم ثقة المجتمع الدولي بإقليم أنجح من التشكيل المركزي وفي كل شيء . في حين أن العراق الدولة المركزية مأكولة كليّاً من قبل غيلان الكتل البرلمانية والحكومة والرئاسة ومن كبار الموظفين إلى صغارهم . فالعراقيون المسيطرون على السلطة يفضحون يوميّاً أنفسهم بتجارتهم الرائجة وصفقاتهم العلنية لتنمية رؤوس أموالهم لصالح أرصدتهم البنكية . لا حاجة لنا إلى دليل لتوكيد فساد مستشري في العراق من رأس الدولة إلى أخمص قدميها من الرغيف إلى السلاح .

هذا الوضع العراقي الخيالي الذي لم تصل إليه دولة مهترئة في العالم أسهمت الدعوة في استشرائه وتبريره تحت ضرورات البقاء في الحكم وفي السلطة منذ الجعفري وعراق حزب الدعوة يسقط ويتلاشى إلى أن وصل مع السيد المالكي إلى مزالق ومنحدرات عاصفة وضعت العراق في مهب الرياح العاتيات الوافدة والقادمة من عمق الأزمة الداخلية في العراق والفشل الذريع للعملية السياسية وتحول الانقسام السياسي إلى انقسام طائفي دفع إلى استنهاض الغرائز والأحقاد الدفينة مابين المؤمينين من أهل السنة والشيعة واستحضار تواريخ الفتن تلبية لزعامة مهووسة بالسلطة ومهما كانت مثقلة بالدماء .

من هنا فإن العراق قد ذبح أولاً بسكين أهل السلطة ومن المتمسكين بها حتى خراب البصرة وجاءت سكين داعش المسنونة بألسنة النار المذهبية من قبل جزّارين متعددي الوجوه والأشكال والانتماءات لتكمل مع الدعوة غيّاً لا مثيل له وطعناً في قلب العراق الذ يحتاج إلى تجديد طارىء في صيغته السياسية لتثبيت منطق الدولة لا الطائفة والمواطن العراقي لا المكون الشيعي والسني والكردي وجعل السلطة مداورة لا مراوحة مكانها وكأن بطن العراقية لم تنجب إلّا حزباً واحداً وفرداً واحداً كما كان حال العراق أثناء البعث الواحد والقائد الأوحد.