تطورات أمنية متسارعة وخطيرة تشهدها مناطق واسعة من العراق تمثلت بسيطرة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام " داعش " على مدينة الموصل وأجزاء واسعة من مناطق أخرى في محافظة صلاح الدين وباتت المجموعات المسلحة التابعة لداعش على تخوم محافظة بغداد .
وتعتبر سيطرة داعش والمجموعات المسلحة التابعة لها على هذه المناطق تطورا أمنيا وعسكريا خطيرا تترتب عليها انعكاسات ميدانية كبيرة على مستوى الساحتين العراقية والسورية حيث تقع المدينة في محافظة نينوى، المحاذية للحدود السورية، والتي يمر فيها خط الأنابيب الواصل بين كركوك والأراضي التركية، وكذلك هي الحال بالنسبة إلى مناطق أخرى أفادت المعلومات الواردة من العراق أن التنظيم المتشدد قد سيطر عليها مثل الحويجة والزاب والشرقاط، والذي يشكل خطاً يمتد حتى مشارف العاصمة بغداد.
ويعبر هذا الخط في محافظة صلاح الدين، ويضمّ كلاً من قضاء بيجي ومدينة تكريت ومدينة سامراء. وتحيط بهذا الخط من جهة الغرب محافظة الأنبار، التي يمتلك «داعش» مناطق نفوذ وسيطرة واسعة فيها، فيما يحيطه من جهة الشرق كل من بعقوبة وقضاء طوزخورماتو وكركوك، وهي في غالبيتها مناطق تشهد اضطرابات أمنية بشكل مستمر، إضافة إلى أنّ عدداً منها تعتبر مناطق متنازعاً عليها مع إقليم كردستان، ما يسمح بتشكيل جيوب آمنة تنتشر ضمنها الجماعات المسلحة، وقد تكون من أهم هذه الجيوب مساحة مؤلفة من قرى وبلدات في منطقة تعرف باسم جبال حمرين التي تربط بين محافظات ديالى وصلاح الدين وكركوك.
وتعتبر نينوى واحدة من أهم المحافظات المشار إليها، حيث إنّ موقعها يمثّل مثلثاً تحيطه الأراضي السورية غرباً وبقية الأراضي العراقية جنوباً وإقليم كردستان شبه المستقل شرقاً وشمالاً، المجاور لتركيا.
ووردت أنباء عن اجتماع بين قيادات «داعش» و«وجهاء الموصل وشيوخ العشائر» تم خلاله التوصل إلى اتفاق تضمن خمس نقاط، وأذيعت بنوده عبر مكبرات الصوت في مساجد المدينة، وأهمها:
ـ حماية دور العبادة وتوفير حماية للمصارف والمؤسسات الخدمية بكل أنواعها وعدم السماح بالعبث بها.
ـ العفو عن عناصر الشرطة المحلية والذين هم من أهل السنة بواقع عفو واحد فقط... وإن عاد يعاقب.
ـ تشكيل لجان لحماية المناطق السكنية والتجارية من عمليات السرقة او النهب.
ـ التأكيد على دور شيوخ العشائر ورجال الدين في إدارة المدينة والعمل على إعادة الأوضاع إلى طبيعتها.
ـ دعوة السكان لفتح محالهم التجارية ومزاولة أعمالهم بشكل طبيعي.
ووفقاً للمعلومات، فقد «عقد الاجتماع بين الدولة الإسلامية والعشائر في جامع الحق في حي الإصلاح الزراعي على نفقة الشيخ عبد الله الحمداني أحد رجال الدين في المدينة».
ولم تتضح بعد الأسباب الحقيقية لإخفاق الجيش العراقي في صدّ المسلحين وقال أحد الضباط في الجيش العراقي  : نحن لا نستطيع أن نهزمهم. لا نستطيع. إنهم مدربون جيداً لخوض قتال الشوارع ونحن لسنا مثلهم. نحتاج إلى جيش كامل لطردهم خارج الموصل»، مضيفاً «إنهم مثل الأشباح يظهرون ليضربوا ثم يختفوا في ثوانٍ.
وتحدثت مصادر أن محافظ نينوى اثيل عبد العزيز النجيفي طلب من الجيش العراقي الإنسحاب وعدم مواجهة المسلحين أو اعتراضهم بحجة عدم قدرة الجيش على المواجهة وأصدر أوامره بعدم التصدي لأي من المسلحين او التعرض لهم .
وفي ردود الفعل  أعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي حالة التأهب القصوى في البلاد.
وقال المالكي في مؤتمر صحافي عقده في بغداد إنّ «الحكومة قررت إعلان حالة الإنذار القصوى في العراق وتدعو البرلمان إلى عقد جلسة عاجلة لإعلان حالة الطوارئ في البلاد من أجل مواجهة تنظيم داعش الإرهابي».
وأعلن البرلمان العراقي أنه سيعقد جلسة خاصة يوم غد الخميس لمناقشة طلب المالكي
وأضاف «نطالب الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية بدعم العراق في حربه ضد الإرهاب»، مطالباً أيضاً دول جوار العراق بـ«ضبط حدودها ومنع تسلل الإرهابيين وقطع خطوط إمدادهم».
كما دعا رئيس الوزراء العراقي الجهات الرسمية إلى «دعم همة المواطنين وأبناء العشائر للتطوع وحمل السلاح والاشتراك في العمليات العسكرية لدعم الدولة في حربها ضد الإرهاب».
من جهتها واستنكرت الولايات المتحدة اليوم الثلاثاء سيطرة متشددين سنة على مدينة الموصل العراقية وقالت إنها تؤيد «رداً قوياً ومنسقاً لصد هذا العدوان»، وعرضت مساعدة الحكومة العراقية.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين ساكي: «تشعر الولايات المتحدة بقلق شديد إزاء الأحداث التي وقعت في الموصل خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، حيث سيطرت عناصر من جماعة الدولة الإسلامية في العراق (والشام) على أجزاء كبيرة من المدينة. الوضع لا يزال خطيراً جداً».
وأضافت أنّ كبار المسؤولين الأميركيين «يؤيدون رداً قوياً ومنسقاً لصد هذا العدوان... ستقدم الولايات المتحدة كل المساعدة الملائمة لحكومة العراق بموجب اتفاقية إطار العمل الاستراتيجي (بين البلدين الموقع في العام 2008) للمساعدة في ضمان نجاح تلك الجهود».
وأعلنت إيران عن إدانتها وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرضيه افخم بشدة أنّ «توسع رقعة الاعتداءات الإرهابية ضد العراق نموذج بارز لخطر الإرهاب الآتي من خارج الحدود».
وأضافت أنه «نظراً إلى التهديد الذي ينطوي عليه الإرهاب علي المستوي العالمي فإنّ الحكومات والأوساط الدولية يجب أن تقف إلي جانب الحكومة والشعب العراقيين في الظروف الحساسة الراهنة». وأعلنت عن دعم بلادها «للعراق حكومة وشعباً في الظروف الراهنة».