الكاتب: أيمن شرّوف

المصدر: جريدة المدن الإلكترونية

في كل هذا النقاش، يظهر وكأن سلام أتى إلى السرايا الحكومية من العدم. ثُم يتحوّل النقاش إلى ما يفعله رئيس الحكومة في جلسات مجلس الوزراء. هو، بحسب هؤلاء، لا يفعل الكثير، يبقى صامتاً مُتفرّجاً على ما يحصل على الطاولة من نقاشات حادة حيناً وهادئة حيناً آخر. قد تكون شخصية سلام الهادئة سبباً في كثرة تحليل دوره، وقد تكون علاقة الحريري وجنبلاط دافعاً لانتقاد سلام، على قاعدة أنه لا "يليق بكرسي الرئاسة الثالثة"، وقد تكون فترة تولّيه لمنصبه، حساسة، توجب حلفاءه قبل خصومه على إبقاء شخص سلام في محلّ "الجوكر"، من دون أن يتعداه إلى لعب دور سياسي أكبر مما هو مطلوب.


كُل هذا يسمعه رئيس الحكومة حيناً ويقرأه أحياناً. يقول سياسي مطلع على ما يجري في كواليس رئاسة الحكومة: الرئيس سلام إلى الآن يُدير الدفة الحكومية بشكل واعٍ، فهو يعلم جيداً التسوية التي أتت به رئيساً، أو التي أخرجت حكومته إلى العلن بعد أشهر التكليف الطويلة. في مجلس الوزراء، يقول ما لديه، ويترك للوزراء أن يبوحوا بما لديهم لكي يفهم أكثر ما الذي يُفكر به كل طرف سياسي. هذا لا يعني أنه غائب عن الحدث أو عن إدارة الأمور. على العكس.


لكن، في بعض الأحيان يتحوّل الهدوء إلى مسبب لإنفلات الأمور من أيدي الرجل الهادئ. هنا، برأي بعض المطلعين، الصورة ليست كما هي عليه. هناك من يحاول الضغط على سلام كي يأخذ منه في هذا الظرف ما لا يُمكن أخذه في ظروف أخرى، لكنّه يواجه من دون أن يخاصم أو أن يعادي أي أحد.


في أحد الإجتماعات التي يرأسها للجنة المخصصة للبحث في موضوع النازحين السوريين، طالب وزير الخارجية جبران باسيل سلام بموقف من الحكومة مُرحب بانتخاب بشار الأسد رئيساً على سوريا، بعد العرس الديموقراطي الذي شهدته طبعاً، بل ذهب ليقول إنه سيرسل برقية تهنئة كون لبنان معنياً بهذه الانتخابات ولا يمكن أن يقف مُتفرّجاً، فما كان من سلام إلّا أن حذر باسيل من الإقدام على مثل هذا الأمر، وتوجه إليه قائلاً: لن أسمح بمثل هذه الأمور، ولا يُمكن أن تُجر الحكومة إلى مواقف سياسية لا نريدها.


بين هذا وذاك، صار الحديث عن إنجاز خطة النازحين، شغل باسيل الشاغل، يخرج ليقول إنه حقق ما كان يطمح إليه في هذا الإطار. على أرض الواقع، لا شيء مما طمح إليه باسيل تحقق. سلام، وكما أبلغ أكثر من شخصية التقته، لن يسمح تحت أي ظرف كان بتسكير الحدود أمام اللاجئين السوريين، فهذا موقف إنساني لا علاقة له بالموقف السياسي. لا تمرّ المزايدة على رئيس الحكومة. هو أيضاً، يعلم صعوبة إنشاء مخيمات على الحدود وداخل الأراضي السورية، وفي مكان ما، يُشجع البحث عن بدائل داخل الأراضي اللبنانية بشروط الدولة اللبنانية، وبسقف إمكانية ضبطها.


إلى جانب الشق السوري وخطة النازحين، لا يبدو أن في الحكومة من يُسانده فعلياً، ما حصل في أوّل جلسة طُرح فيها خطة وزير الشؤون الإجتماعية رشيد درباس التي أعدتها لجنة وزارية سبقت اللجنة الحالية، والتي تلحظ إقفال الحدود، لم يعارضها سوى وزيري الحزب التقدمي الإشتراكي أكرم شهيّب ووائل أبو فاعور ووزير الداخلية نهاد المشنوق، فيما البقية، حتى من فريق 14 آذار، كانوا في صفوف المتفرجين. هنا، يسأل أحد السياسيين الوسطيين: ما المطلوب أكثر من سلام طالما أن الفريق الذي سمّاه غير مُتفق على سياسة واحدة؟


تريد 8 آذار أن تأخذ من سلام موقفاً في كل شيء. هو إلى الآن لم يُقدم إليها أي شيء. تريد 14 آذار أن تأخذ من سلام، لكن لا تعرف ماذا تريد طالما هي لم تُقرر سياستها بعد، والآتي في مرحلة الفراغ وإدارته سيحمل الأسوأ. على أي حال، لن يُرسل سلام تهنئة للأسد بالرغم من كمّ الرسائل المُبطنة من فريق الممانعة. ترك لرئيس مجلس النواب نبيه بري أن يذهب هو إلى تنصيب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. يحاول أن يستمرّ، بـ"عدة شغل" غير موجودة.