الكاتب: أيمن شرّوف

المصدر: جريدة المدن الإلكترونية

 دعا وزير الخارجية الأميركي جون كيري الدول المسؤولة التي تدعم بشكل مباشر نظام الأسد وخصوصاً إيران روسيا و"حزب الله" إلى "الالتزام والدخول في جهد شرعي لوضع حد للحرب في سوريا". 

تحليل هذا الكلام، لا يحتاج إلى الكثير من التمحيص. موقف الولايات المتحدة الأميركية من الملف السوري واضح. نقطة الإرتكاز فيه، ما قاله الرئيس الأميركي باراك أوباما في مقابلته مع "بلومبورغ" في شهر آذار الماضي، تحديداً حديثه عن أنه بين التطرف الشيعي والتطرف السنّي، فهو يُفضل الأوّل. كلام كيري لا ينفصل عن واقع هذه السياسة الخارجية الأميركية.   بعد ساعات على هذا الحديث، يخرج الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ليتحدث عن لبنان، ويستفيض بالكلام عن سوريا. هو، بصفته مقرراً في مُستقبل تلك البلاد، رأى أن الكلام الآن، طبعاً بعد انتصار جديد (العرس الديموقراطي) يُضاف إلى ما سبق، يجب أن ينطلق من مكان آخر، فلا حديث بعد اليوم عن جنيف1. كُل حل سياسي يكون بمقاربة جديدة، تأخذ بالإعتبار انتصار صناديق الإقتراع، على حساب 200 ألف قتيل سوري. رسالة نصرالله، لكيري، أتت سريعة. الحزب بشكل عام صار ينافس قُدرة سيرغي لافروف على المناورة والرد سريعاً على الندّ الأوّل، المُستكبر الأميركي.   لا جديد في تفكير حزب الله وسياسته. من هو وزير خارجية الولايات المتحدة أصلاً؟  كبُر الحزب كثيراً. أخصامه المحليون لا يملكون القدرة ولا الحنكة لمنافسته. هو، يعد بالإنتصارات يومياً ويحققها، وعلى طريقته. فلنتخيّل، على سبيل المثال، رد فعل نائب من الحزب وهو يستمع إلى كلام "المدعو" كيري. لابد أنه رسم ابتسامة عريضة، فيها شيء من السخرية، على هذا المُستكبر الذي عرف حده، وأدرك قيمة من يلعب معه. من يلعب مع حزب بهذه القوّة؟ لا أحد طبعاً. حتى أميركا وعظمتها لا تستطيع. سينزل غداً إلى الميدان، إلى ساحة النجمة مثلاً. ينظر إلى أي "مدعو" من هؤلاء من يُسمون أنفسهم 14 آذار. يُكرر ما قاله سابقاً بنبرة أعلى: سلاحنا باقٍ ما بقي الإنجيل وما بقي القرآن.. فمن أنتم؟   لم يعد الحديث عن حزب الله حول ما يفعله الآن، وما فعله بالأمس. صار الحديث عما راكمه منذ العام 2000 وحتى اليوم. حزب، لم يعد يرى أمامه أحداً. هو أكبر من كُل شيء. لا رئيس ولا حكومة ولا بلاد. صار المسؤول فيه، مثل المناصر، يشعرون جميعاً بكمّ القوة. بما حققوه من انتصارات كُلّها إلهية. فقط، يهرب من صفة الإلهية، ذلك العرس الديموقراطي الذي جرى منذ أيام، ولعلّ هذا الهروب لم يسقط سهواً.   هي جملة واحدة يعرفها الحزب ولن يعرف غيرها: "كما وعدتكم بالنصر دائماً، أعدكم بالنصر مجدداً". جُملة، يحفظها الصغير والكبير، وفي كل مرّة، يخرج السيّد نصرالله ليؤكد لهم مدى صدقيتها، بغض النظر عن مدى خطورتها لاحقاً. فالحزب الذي ينتصر منذ العام 2000 على أعتى الجيوش، وينتصر منذ العام 2012 في سوريا، على أكبر مؤامرة عرفها العالم، على كل قوى الاستعمار، كيف له أن يرى مُستقبله إلّا على هذا الحجم من الإنتصار، وعلى انعدام إمكانية الهزيمة. حزب، يُكرّر تجارب من سبقوه محلياً، على صعيد أوسع، ولا يريد أن يقرأ التجارب ولا التاريخ.. يكبر ويكبر ويعتقد أنه سيبقى على هذا المنوال. فمن يردعه؟ من هو هذا المدعو جون كيري؟   خلال محادثات أوسلو، حذّر الراحل ياسر عرفات ومعه محمود عباس الإسرائيليين من أنهم موجودون في  بحر عربي كبير من المحيط إلى الخليج، معادٍ لهم، ومهما تعاظمت قوتهم، لن يستطيعوا إلغاء هذا الواقع. سيأتي يومهم. في صفوف الحزب، كُثر كانوا مع أبو عمار حينها، هل يتذكرون كلامه؟ إلى الآن، لا يبدو. على الأرجح لن يفعلوا.