بدت الامبراطورية الاميركية وكأنها تقف على اعتاب "طالبان" وتحتمي بقطر، ولم يكن ينقص باراك اوباما إلا ان يقدم اعتذاراً الى الملا عمر عن العدوان الذي شنته اميركا على إمارة افغانستان الاسلامية بعد "غزوة نيويورك"!

ففي حديقة الزهور في البيت الابيض وبكثير من الإفتخار اعلن اوباما ان "طالبان" افرجت عن الجندي الاميركي بو برغدال الذي كانت تحتجزه، في مقابل افراج واشنطن عن خمسة من اركان "إمارة طالبان" الذين احتجزتهم في غوانتانامو وهم من الملالي الأشد شراسة في معاداة اميركا والغرب!
لست ادري ما اذا كان الأمر مثيراً للسخرية او للشفقة، ففي حين كان اوباما يعلن عن عملية التبادل بلهجة لا تخلو من نشوة الفوز، كان زعيم "طالبان" الملا عمر يصدر بياناً اكثر صدقاً وصف فيه الافراج عن المسؤولين الخمسة، بأنه نصر كبير للشعب الافغاني والمجاهدين، في حين فتح جون ماكين مناحة جديدة على هيبة الولايات المتحدة الاميركية التي يمضي اوباما في تدميرها!
كشفت العملية عن مفاوضات خلفية كانت تجري في قطر منذ عامين ونيف، تماماً كالمفاوضات السرية التي جرت بين اميركا وايران في عُمان، والمثير ان تصريحات اوباما تزامنت مع اعلان تشاك هيغل الذي وصل الى افغانستان، ان واشنطن تأمل في أن تؤدي عملية التبادل الى محادثات مباشرة بين واشنطن و"طالبان".
واذا كان هيغل قد اعلن ان العامل الأساسي في نجاح العملية كان استعداد امير قطر الشيخ تميم لقيادة جهود التوصل الى اتفاق، فان اوباما ذهب الى أبعد من هذا في امتداح قطر عندما قال: "ان الحكومة القطرية أعطتنا ضمانات انها ستتخذ اجراءات لحماية امننا القومي"، باعتبار ان قادة "طالبان" المفرج عنهم كانوا قد وصلوا الى الدوحة!
جون ماكين المفجوع بسياسات اوباما "الساذجة"، كما سبق له ان قال على خلفية تقاعس اميركا في سوريا واوكرانيا، سارع الى انتقاد العملية، فالذين خرجوا من غوانتانامو الى الدوحة هم خمسة من الارهابيين الشرسين وهو ما يدعو الى اتخاذ اجراءات احترازية لمنعهم من العودة الى ممارسة نشاطهم الارهابي ضد الولايات المتحدة وحلفائها، اما زميله السناتور مايك روجرز فاعتبر ان الصفقة ستحفّز البعض على خطف الجنود الاميركيين!
وهكذا عندما يرد اوباما على هذه المخاوف بالقول انه يعتمد على ضمانات قطر لحماية الامن القومي الاميركي، فهذا يعني ان هناك في هذه العملية منتصرين، الأكبر هو قطر التي باتت تحمي الامن القومي الاميركي، والثاني هو الملا عمر وحركة "طالبان" التي تقف اميركا متوسلة على اعتابها، اما الخاسر الأكبر فهو اميركا، وليس اوباما الذي يعمل لإدخال اميركا الى معتقل غوانتانامو!