وعود باراك اوباما بزيادة الدعم للمعارضين السوريين "الذين يقدمون افضل بديل من الارهابيين والديكتاتور الوحشي"، لن تغير شيئاً في مسار التعامي الاميركي المتمادي عن المذبحة السورية التي تمثّل كارثة القرن !

أوباما كان يتحدث من مكان يرمز الى القوة الاميركية هو "اكاديمية وست بوينت" العسكرية، لكن محور خطابه ركّز على الانسحاب الاميركي من الجبهات الخارجية، ووصل الى حد اعتبار التدخل الخارجي خيانة، عندما خاطب العسكريين بالقول: "سأخونكم اذا ارسلتكم الى مناطق الخطر لمجرد انني رأيت مشكلة تحتاج الى اصلاح في مكان ما من العالم"!
الحديث عن سوريا اقتصر على عبارة سريعة لا تخلو من التناقض، فقال اولاً انه سيعمل مع الكونغرس لزيادة دعم المعارضة (المعتدلة طبعاً وبأسلحة غير فتّاكة بالتأكيد، لأن الفتك من اختصاص النظام وحلفائه)، وثانياً انه يرى الوضع السوري محبطاً "فليس هناك جواب سهل ولا حل عسكرياً يمكن ان يوقف المعاناة في مستقبل قريب"!
ربما كان على اوباما ترك الإحباط لغيره، بدليل ان صحيفة "الفايننشال تايمس" كانت قد استبقت خطابه بالإشارة الى انه متهم بالتردد والتخاذل، ليس لدى الجمهوريين فحسب بل داخل اوساط الديموقراطيين، ولدى حلفاء أميركا.
في هذا السياق لم يتردد وزير الخارجية جون كيري في القول للصحيفة المذكورة: "ينبغي على واشنطن ألا تنتقل من سياسة التدخل المفرط التي انتهجتها في العقد الماضي، الى سياسة الافراط في العزلة"!
ولكن هذا لن يؤثّر على اوباما الذي رفع منذ البداية شعار التغيير لكسر استراتيجيا "الحروب الاستباقية" التي طبّقها سلفه جورج بوش بعد هجوم "القاعدة" على نيويورك، والذي لم يتمكن في ولايتيه تقريباً من إنجاز اي شيء في سياسته الخارجية، باستثناء التعجيل في الانسحاب من العراق وافغانستان، والفشل في القضية الفلسطينية وفي سوريا ثم في اوكرانيا، ولهذا يستميت في التوصل الى اتفاق مع ايران ليكون بمثابة جائزة ترضية او بالاحرى حجة لتبرير تردده وتخاذله وسحبه اميركا من العالم !
بالعودة الى سوريا والحديث عن مساعدة المعارضة ضد "الديكتاتور الوحشي"، من المناسب التذكير باجتماع فريق الامن القومي، الذي رَأَسه اوباما في "غرفة الاوضاع" في البيت الابيض في حزيران من العام الماضي، يومذاك قال رئيس الأركان مارتن ديمبسي، ان لا مصلحة اميركية في ترجيح اي فريق من المتحاربين في سوريا، وهو ما يفسّر تغاضي واشنطن وارتياحها، الذي سبق ان ظهر واضحاً في كلام رئيس موظفي البيت الابيض دنيس ماكدنو : "ان الوضع في سوريا يشغل ايران، والقتال هناك بين "حزب الله" و"القاعدة" قد يكون في مصلحة اميركا"!