تأتي زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الصين في وقت توترت فيه علاقات موسكو مع الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاروبي بسبب الأزمة الاوكرانية وتأتي أيضا في وقت تحتدم فيه المشكلات الاقتصادية الروسية جراء هذه الأزمة وفي وقت تتعرض فيه روسيا لمزيد من العقوبات الاقتصادية من الغرب والاتحاد الاروبي , واستطاع الرئيس الروسي الاستفادة من هذه الزيارة بتوجيه رسالة الى خصومه مفادها بان العقوبات التي يسعون لفرضها لن تؤثر بشكل من الاشكال على الاقتصاد الروسي وأن هناك بدائل كثيرة تستطيع روسيا الوصول إليها وان سلبيات هذه العقوبات سترتد على أصحابها .
وتسعى موسكو وبكين إلى تعزيز علاقات «تحالف استراتيجي»، بينهما خلال هذه الزيارة وتعهد الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جينبينغ خلال قمتهما في شنغهاي العمل لإنشاء عالم متعدد الأقطاب، ومواجهة محاولات  التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ودعا بيان مشترك أطراف أزمة أوكرانيا إلى «إيجاد تسوية سياسية عبر الحوار»،
وخلال هذه الزيارة وبعد فشل التوصل إلى اتفاق أمس الأول، وقعت شركة "غازبروم" الروسية مع شركة البترول الوطنية الصينية "سي أن بي سي" أمس، اتفاقاً طال انتظاره لتزويد الصين بالغاز الطبيعي، يضمن لأكبر دولة مستهلكة للطاقة في العالم مصدراً جديداً مهماً للوقود النظيف، ويفتح لموسكو سوقاً في ظل بحث أوروبا عن مصادر أخرى للطاقة.
وبموجب الصفقة، تورّد روسيا 38 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً إلى الصين لمدة 30 عاماً. وتقدر قيمة الصفقة بما يزيد عن 400 مليار دولار.
وشهد بوتين ونظيره الصيني شي جين بينغ توقيع الصفقة في شنغهاي، حيث أكد الرئيس الروسي أن بلاده سوف تستثمر 55 مليار دولار في التنقيب عن الغاز ومد خط أنابيب إلى الصين.
وقالت مصادر في "غازبروم" إن الصين عرضت دفع أكثر مما تدفعه في مقابل إمدادات الغاز من تركمانستان، والذي يبلغ نحو تسعة دولارات لكل مليون وحدة حرارية بينما بلغ أقل عرض من روسيا حوالي 9,67 دولار. وكانت هناك نقطة شائكة أخرى تمثلت في ما إذا كانت الصين ستدفع مبلغاً كبيراً مقدماً للمساهمة في تمويل تكلفة البنية التحتية.

من جهتها تناولت بعض الصحف الروسية أهمية زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الصين ،وذكرت صحيفة "فيدوموستي" أن هذه أول زيارة خارجية يقوم بها بوتين منذ بداية العام الحالي ، والأولى بعد انضمام القرم إلى روسيا وفرض العقوبات الغربية ، وقالت إن العلاقة مع الصين وفي ظل المواجهة مع الغرب ، باتت تتسم بأهمية قوية
ونقلت الصحيفة عن نائب مدير معهد الشرق الأقصى في أكاديمية العلوم الروسية سيرجي لوزيانين أن الشراكة مع الصين اكتسبت مضامين جديدة بالنسبة لروسيا في ضوء المواجهة السياسية العنيفة مع الغرب حاليا ، حيث بات اللقاء مع الرئيس الصيني يتسم بطابع جيوسياسي.
ويقول الخبير فاسيلي كاشين من مركز تحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيات للصحيفة الروسية " إن الخبراء في الصين يرون أن بكين وبفضل الازمة في اوكرانيا حصلت على فترة استراحة لمدة 10 سنوات بسبب تحول واشنطن من الضغط على بكين إلى الضغط على موسكو " ، مشيرا الى أن الخبراء الصينيين يعتقدون ــ حسب كاشين ـــ أنه يتعين على الصين دعم روسيا بحذر ، والاستفادة من الوضع والإمكانيات التي ظهرت من اجل تعزيز المصالح الصينية.
وذكر كاشين أن المباحثات بين روسيا والصين حول بعض الامور الاقتصادية استمرت على مدى سنوات طويلة ، اعتمدت روسيا خلالها تكتيك الإنهاك البطيء لتحصل على الشروط التي ترغب بها ، لكن الازمة الاوكرانية الان ستجبر ــ حسب رأيه ــ الجانب الروسي على الاستعجال ومنح الصين شروطا مريحة وجذابة
وتشير صحيفة " فيدوموستي " إلى أن روسيا كانت في السابق تضع القيود وتحد من الاستثمارات الصينية في القطاعات الاستراتيجية الروسية ، اما الآن في الظروف الجديدة ، فستضطر موسكو لتخفيف هذه القواعد وهو ما قد يؤدي الى ارتباط بالصين على المدى البعيد.
أما صحيفة "كوميرسانت" ، فتذكر أن المعلومات المتوفرة لديها تدل على أن أهم موضوعين في مجال التعاون العسكري الفني بين الدولتين - سيتم التطرق لهما خلال زيارة بوتين إلى الصين - هما - مشروع تصميم وانتاج مشترك لطائرة للمسافات البعيدة يمكنها ان تنافس في المستقبل طائرات بوينج وايرباص ، وكذلك مشروع انتاج المروحية الثقيلة "مي -26" في الصين.
وتشير " كوميرسانت " إلى أن زيارة بوتين إلى الصين هذه المرة تكتسب أهمية كبيرة لروسيا في ظل المشاكل الروسية الغربية حول أوكرانيا ، والعقوبات الغربية على روسيا