إبتداءً من مُنتصف ليل السبت ـ الأحد المُقبلين، يبدأ الشغور في موقع رئاسة الجمهوريّة لتعذُّر انتخاب رئيس جمهوريّة جديد، وتدخل معه البلاد مرحلة جديدة سيكون لها مناخها وقواعد لعبتها الخاصّة، وكذلك مُعطياتها الخاصّة التي ستتبلور رويداً رويداً في قابل الأيّام.

وفي ظل هذه المرحلة ستسود الاوساط السياسية على اختلافها تساؤلات كثيرة حول ما ستؤول اليه اوضاع البلاد واستحقاقاتها، ولا سيما منها استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية، وكذلك استحقاق الانتخابات النيابية حيث ستنتهي ولاية مجلس النواب الممددة أواخر السنة الجارية.

وهذه التساؤلات تلخّصها أوساط سياسية متابعة بالآتي:

أولاً، الى ايّ فراغ ستدخل البلاد على مستوى رئاسة الجمهورية؟ وما مدى هذا الفراغ ومساحته الزمنية؟ أيكون قصيراً، ام متوسطاً، ام طويلاً؟

ثانياً، هل انّ الانجازات التي تحققت قبل الفراغ الرئاسي على المستويين السياسي والحكومي ستبقى محافظة على استمراريتها وتليها انجازات أخرى؟ ام انها ستنهار تحت وطأة استمرار الفراغ؟

ثالثاً، ماذا ستكون عليه طبيعة العلاقة بين الرئيس سعد الحريري ورئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون الذي طرح نفسه ان يكون "رئيساً توافقياً" كشرط لترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية؟ وهل ستنتقل هذه العلاقة الى مرحلة جديدة من المفاوضات على أمل ان تثمر في خلال فترة الفراغ الرئاسي اتفاقاً يحمل عون الى قصر بعبدا ليملأ هذا الفراغ؟ ام انها ستدخل في مرحلة انفجار كبير يزلزل الواقع السياسي الداخلي مجدداً؟

رابعاً، هل ستتحول حكومة الرئيس تمام سلام، في حال طال أمد الفراغ الرئاسي، حكومة تصريف أعمال، خصوصاً اذا استفحل الخلاف السياسي حول الاستحقاق الرئاسي وتَلبّد المناخ الاقليمي لعلّة ما؟ أم انها ستستمر حكومة كاملة الصلاحيات وممارسة ايضاً صلاحيات رئاسة الجمهورية وعاملة بجدية في الوقت نفسه على توفير المناخات الملائمة لانتخاب رئيس جمهورية جديد؟

خامساً، هل سيستمر مجلس النواب في التشريع بنحو طبيعي في موازاة استمرار رئيسه في العمل على تدوير الزوايا وإطلاق المبادرات بغية تأمين انعقاد جلسة انتخابية تنجح في انتخاب رئيس الجمهورية العتيد؟ ام انّ هذا التشريع سيتوقف بإقدام كتل وأفرقاء سياسيين مسيحيين وغير مسيحيين من فريق 14 آذار على مقاطعة جلسات التشريع بذريعة وجود الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية، تماماً كما حصل في مقاطعة هذه الجلسات أثناء فترة استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي؟

وفي حال حصول المقاطعة كيف سيتصرف رئيس مجلس النواب بينما هو يحذّر منها منذ الآن، مؤكداً انه لن يتوقف عن توجيه الدعوات الى مثل هذه الجلسات منعاً لنشوء ايّ سابقات تخالف الاصول القانونية والدستورية التي تعطي المجلس صلاحية الاستمرار في التشريع سواء استقالت الحكومة او شغرت رئاسة الجمهورية او أي موقع دستوري آخر؟

سادساً، كيف ستنعكس المعركة الاقليمية المستعرة على مستوى المنطقة على مرحلة ما بعد 25 أيار في لبنان؟ وهل ستتبلور معطيات جديدة تَشي بأنّ الازمات الاقليمية ذاهبة الى الانفراج ام انها ستذهب الى مزيد من التعقيد ما ينعكس سلباً على لبنان والمنطقة برمّتها؟

سابعاً، ما هي حقيقة التقارب وحجمه بين المملكة العربية السعودية وايران؟ وهل هناك توجهات جدية لدى البلدين الى حوار فاعل ينتج توافقات تنعكس ايجاباً على مجمل الاوضاع في المنطقة؟ ام انّ هناك مصلحة آنيّة تفرض على البلدين التقارب مرحلياً في انتظار تبلور المشهد الدولي الكبير في ضوء ما ستؤول اليه أزمة اوكرانيا وغيرها من الأزمات الدولية الأخرى التي توتر العلاقات بين روسيا وحلفائها من جهة والولايات المتحدة الاميركية وحلفائها من جهة أخرى؟

انها أسئلة كبرى تحتاج الى إجابات كبرى يفترض ان تتبلور تباعاً. وفي الانتظار سيظلّ الاستحقاق الرئاسي دائراً في حلقة تعطيل النصاب الى ان يحمل أحد هذه الاجابات مواصفات الرئيس العتيد واسمه.