تأتي الدعوة التي وجهها وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل لنظيره الإيراني محمد ظريف تتويجا لمساع عدة قامت بها مجموعة من الدول للتقريب بين الجمهورية الاسلامية الايرانية والمملكة العربية السعودية أهمها الدور الذي قامت به دولة الكويت حسبما ذكرت معلومات صحفية .
وقال الفيصل في مؤتمر صحافي على هامش «منتدى التعاون بين العالم العربي وآسيا الوسطى»، إننا «نرغب في استقباله (ظريف)، فإيران جارة لدينا علاقات معها، وسنجري مفاوضات معها».
وتابع «سنتحدث معهم وإذا كانت هناك خلافات نأمل أن تتم تسويتها بما يرضي البلدين. كما نأمل أن تكون إيران ضمن الجهود المبذولة لجعل المنطقة آمنة ومزدهرة وألا تكون جزءاً من مشكلة انعدام الأمن في المنطقة».
وأشار الفيصل إلى التعبير عن الرغبة في إعادة الاتصالات بين البلدين، «عبر عنها الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير خارجيته»، مضيفاً «لقد أرسلنا دعوة لوزير الخارجية الإيراني لزيارة السعودية، لكن العزم على القيام بالزيارة لم يتحول إلى واقع بعد. لكننا سنستقبله في أي وقت يراه مناسباً للمجيء».
من جهتها أعلنت الخارجية الايرانية اليوم أنها لم تتسلم بعد ايه دعوة خطية لزيارة وزير الخارجية الى السعودية ولكن هذه الزيارة مدرجة على جدول اعمال وزير الخارجية محمد جواد ظريف .
ونقلت صحيفة السفير اللبنانية عن متابعين للملف الايراني السعودي أن العاصمة الكويتية لعبت دوراً تشجيعياً بين طهران والرياض وحاولت التعويض عن حساسية السعوديين من أي دور لسلطنة عمان في هذا السياق، بعدما تكشفت فصول مفاوضات أميركية ـ ايرانية على مدى شهور طويلة في العاصمة العُمانية، من دون علم كل جيران مسقط.
وكان الرئيس روحاني قد وضع منذ انتخابه قبل 11 شهراً نصب عينيه أولوية إعادة بث الحرارة في العلاقات التي تدهورت بين طهران والرياض، خصوصاً طوال الولاية الثانية للرئيس الايراني السابق محمود أحمدي نجاد حيث كان يتهمه السعوديون بالتنصل من كل التفاهمات التي أبرموها معه، كما اتهموه بإجهاض محاولات جرت لترتيب ملف العلاقات الثنائية عن طريق رئيس مصلحة تشخيص النظام الرئيس الايراني الاسبق الشيخ هاشمي رفسنجاني.
ووفق المتابعين فإن رفسنجاني يلعب حالياً دوراً كبيراً في اعادة فتح الأبواب، وهو الذي تناقلت الصحف الايرانية له صورة في نيسان الماضي أثناء قيام السفير السعودي عبد الرحمن الشهري بتقبيل جبينه في أول لقاء يعقد بينهما وتخلله نقل رسالة شفهية من الملك عبدالله الذي يكن له مودة شخصية كبيرة، ووجه اليه دعوة جديدة لزيارة المملكة وعد بتلبيتها في أقرب فرصة ممكنة، علماً أن رفسنجاني كان قد حاول سابقاً، القيام بمبادرة ما في اتجاه تطبيع العلاقات لكنه لم يجد استعداداً لدى مرشد الثورة الايرانية السيد علي خامنئي، خصوصاً في ظل الحملة التي كانت وسائل الاعلام السعودية الرسمية تشنها على أحمدي نجاد قبيل انتخاب روحاني.
وكان وصول الشهري الى طهران أول بادرة إيجابية في اتجاه تحسين العلاقات، وأسهمت المفاوضات التي جرت طوال ثلاثة أشهر، عبر قنوات متعددة، في رسم معالم جدول أعمال ايراني ـ سعودي مشترك يبدو مثقلا بالملفات الأمنية، من الخليج (البحرين والسعودية واليمن) الى لبنان وفلسطين، مروراً بسوريا والعراق. لذلك، ثمة أولوية لهذا الملف الأمني، يليه الملف الاقليمي المتداخل حكماً مع الملف الأول، لكن مع تغليب البعد السياسي عليه، وهنا، يجري الحديث عن قواسم مشتركة في ساحات اقليمية عدة، أبرزها الأمن الخليجي المشترك، من دون إغفال حقيقة وجود تباعد في وجهات النظر في أكثر من ملف، خصوصاً سوريا والعراق، حيث يصر السعوديون على أن اية تسوية سياسية في سوريا يجب أن يكون الرئيس السوري بشار الأسد خارجها، من دون تجاهل حقيقة أن ملف المجموعات الإرهابية «القاعدية» على أرض سوريا بدأ يشكل عنصراً ضاغطاً على كل دول مجلس التعاون الخليجي.
ورأت مصادر متابعة أن الاستجابة السعودية لاعادة التواصل والحوار مع طهران فرضته جملة معطيات أهمها ما يحصل على الساحة السورية من تطورات سياسية وميدانية ورأت هذه المصادر أن التقدم الميداني الذي يحققه النظام السوري على الارض والمؤشرات السياسية التي تؤكد تولي الرئيس بشار الأسد فترة رئاسية جديدة فرض على وزارة الخارجية السعودية إعادة النظر بسياستها تجاه المنطقة وخصوصا الأزمة السورية فجاءت الدعوة السعودية إلى إيران في سبيل إعادة مناقشة هادئة للملفات العالقة بين الجانبين وأهمها الملف السوري .
وأشارت المصادر أن العلاقات الايرانية السعودية باتت على مشارف مرحلة جديدة أكثر إيجابية من قبل وقد تؤدي هذه الإيجابية الى حلحلة الكثير من الملفات التي تعني الجانبين خصوصا الملفات الأكثر توترا ومنها سوريا والعراق لبنان .
كاظم عكر