لم تسفر جلسة مجلس الوزراء الطويلة يوم أمس عن أية مؤشرات إيجابية جديدة في شأن البيان الوزراي رغم استمرارها حتى ساعة متأخرة من الليل ورفعت الجلسة إلى اليوم مع استمرار الاتصالات والمشاورات بين الاطراف لمحاولة الوصول إلى نتيجة .
تصرّ الاطراف السياسية على المضي في مسرحية لا طائل منها سوى الاستهتار بهذا الشعب وهذا الوطن حيث يمضي كل فريق وراء مصالحه الخارجية والداخلية ويبقى الوطن آخر الاهتمامات .
سجالات ومشاورات ومبادرات لبيان وزاري لحكومة لم يتبق من عمرها بعد سوى شهرين , والمهزلة على حالها وأبطال هذه المسرحية زعماء هذا الوطن وسياسيوه حيث يؤكدون كل يوم أنهم العبء على هذا الوطن وانهم هم المشكلة أنفسهم وأن الشعب لم يعد سوى ضحية لمغامراتهم وسياساتهم ومهاتراتهم .
إن ما أسفرت عنه مشاورات يوم أمس في مجلي الوزراء مزيد من التعقيد ومزيد من السجالات أدت إلى تقديم الرئيس تمام سلام استقالته بعدنا ضاق ذرعا بألاعيب السياسيين ومهاتراتهم لكنه استجاب لتمنيات رئيس الجمهورية والكاردينال مار بشارة بطرس الراعي فتأجلت الاستقالة 24 ساعة ربما هي المساحة المتبقية للتوافق على البيان الوزاري للحكومة .
وذكرت صحيفة السفير أن
تمام سلام أحرج الجميع في الداخل، لا بل أحرج «الدول» التي كان قناصلها يتابعون وقائع جلسة البيان الوزاري بتفاصيلها المملّة، ولسان حالهم أننا نريد حكومة مكتملة الشرعية والصلاحيات، أي حكومة ببيان وزاري وثقة نيابية كاملة وغير منقوصة.
صار الجميع أمام اختبار الناس. أولئك الذين لم تعد قضاياهم تحتمل أي نوع من التأجيل أو التسويف.
الحسنة الوحيدة التي سجلتها مجريات جلسة الأمس الطويلة في القصر الجمهوري، أن لبنان، بدا وللمرة الأولى، منذ عقود طويلة، محكوماً بمعطيات داخلية في وأضافت السفير : بدا واضحاً منذ انتهاء الاجتماع العاشر للجنة البيان الوزاري أن الكل يلعب على حافة الهاوية الحكومية.. وأن مسار الأمور غير مضمون النتائج.
أفضى تمام سلام بمكنوناته، ليل الأربعاء - الخميس للحلقة الضيقة من حوله: قررت تقديم استقالتي في جلسة اليوم إذا لم نتوصل إلى أية نتيجة، ولن أنتظر بالتالي حتى آخر لحظة تحت ضغط المهل والاجتهادات. أنا أعطيت الفرصة للجميع وأنا مستاء من الكل، ولكن ما فاجأني أن من كنت أعول عليهم (14 آذار) لتسهيل الأمور يزيدون الأمور تعقيداً. لذلك قررت أنا أقدم على خطوتي ولست آسفاً على تداعياتها، وعلى الجميع أن يتحملوا مسؤولياتهم .
وقالت صحيفة النهار
 : أفضت الجلسة الماراتونية لمجلس الوزراء امس الى حيث لم يحسب لها أحد، أقله من حيث اصرار رئيس الوزراء تمام سلام على الاستقالة، واضعاً سائر القوى السياسية الممثلة في الحكومة امام اختبار هو الاول من نوعه منذ تكليف سلام تشكيل الحكومة، مروراً بمخاض التشكيل الطويل، وصولا الى مأزق البيان الوزاري. واذا كانت الجلسة انتهت الى اقناع سلام بارجاء استقالته 24 ساعة فقط، مع رفع الجلسة الى اليوم فان ذلك لم يحجب جدية الاخير في رمي كرة الحسم في مرمى القوى السياسية التي سيتعين عليها اليوم مواجهة خيارات بالغة التعقيد ما لم تتوصل الى مخرج الساعة الاخيرة قبل الاستقالة المؤكدة لرئيس الوزراء.

ولخص مصدر وزاري ليلا لـ"النهار" حصيلة الجلسة الماراتونية لمجلس الوزراء بقوله: "اليوم إما بيان وزاري وإما بيان استقالة". وعرض لمسار الجلسة الطويل فقال إنها كانت جلسات عدة في جلسة واحدة استهلت بمداخلة لرئيس الجمهورية ميشال سليمان وزعت على الاعلام، ثم كانت مداخلة للرئيس سلام الذي أكد على موقفه بالاستقالة اذا لم يتم التوصل الى نتيجة قائلا ان الامر يتعلق بصدقيته وبصدقية الحكومة امام الرأي العام، اذ لا يجوز ان تجتمع لجنة صياغة البيان الوزاري بلا نتيجة ثم يحصل الامر نفسه مع مجلس الوزراء.عندئذ تحول مجلس الوزراء بكامله الى لجنة صياغة للتفتيش عن صيغة ملائمة تجمع بين كلمتيّ "المقاومة " و"الدولة". وأثناء البحث دمج مقترح لوزراء 14 آذار بآخر لرئيس مجلس النواب نبيه بري وثالث للنائب وليد جنبلاط، فكانت العبارة الآتية: "تؤكد الحكومة على واجب الدولة وحق ابنائها في المقاومة ضد الاعتداءات الاسرائيلية بما يحفظ سلامة اللبنانيين وسيادة ودور الدولة ". ثم دار نقاش أصرّ خلاله وزراء 14 آذار على تبني المقترح ككل من دون نزع العبارة المتعلّقة بالدولة، في مقابل موقف صريح لوزيري "حزب الله" اللذين رفضا بالحرف الواحد "أي تقييد للمقاومة بالدولة".
وعلى الاثر أجريت اتصالات مع قادة 14 آذار وهم الرؤساء أمين الجميل وسعد الحريري وفؤاد السنيورة وكذلك مع الرئيس بري والنائب جنبلاط، كما جرت اتصالات بين جنبلاط والحريري وبين الحريري والنائب سامي الجميل. وشملت الاتصالات سفراء دول كبرى واقليميين. وقد تقرر بناء على اقتراح من الرئيس سليمان ابقاء الجلسة مفتوحة، على أن تنعقد في أي وقت اليوم، وربما كلفت لجنة صياغة البيان الوزاري الاجتماع قبل الظهر على ان تعاود عقب اجتماعها جلسة مجلس الوزراء في ضوء لنتيجة الاتصالات التي استمرت حتى ساعة متقدمة من الليل، مع العلم ان وزيري "حزب الله" طلبا تأخير البحث كي يشاورا مرجعيتهما.
ومن الملاحظات ان جو الجلسة تميّز بهدوء لافت وسط ثناء من جميع الوزراء على موقف الرئيس سلام، كما سجّل تطور تمثل للمرة الاولى في الاقتراب من البحث في مدى دور الدولة، لكن البحث كان يتمحور على الصياغة إذ شعر الجميع بالخطر من تطور الامور نحو الاسوأ بعدما كان هناك شعور بالمسؤولية فقط.
ونقلت صحيفة الاخبار عن مصدر وزاري قريب من جنبلاط إن الخلاف انحصر على امرين: الاول، «أل» التعريف في كلمة مقاومة. تيار المستقبل لا يريد «أل التعريف»، فيما يصر عليها حزب الله. اما الثاني، فهو الحدود بين سلطة الدولة وسلطة المقاومة.
وقال أحد وزراء تكتل التغيير والإصلاح إن جلسة أمس «كانت فريدة من نوعها، إذ نوقش البيان الوزاري داخل مجلس الوزراء لا في اجتماع اللجنة المكلفة صياغته». ولفت إلى «خروج معظم الوزراء مراراً للاتصال بقياداتهم والوقوف عند رأيها ثم إبلاغ الآخرين». وأكد أن الوزراء تخطّوا مسألة «حق اللبنانيين في المقاومة» ليختلفوا على كلمة «صغيرة»، فيما أصرّ سلام من جانبه على الاستقالة بداية حفاظاً على شفافيته وصدقيته تجاه اللبنانيين، «إلا أن جميع الكتل ورئيس الجمهورية تمنّوا عليه إمهالهم يوماً إضافياً لاستكمال النقاش».
وأعلن وزير الإعلام رمزي جريج بعد الجلسة أن صيغاً مختلفة عُرضت لحل النقطة العالقة في البيان، وأبدى سلام رغبته في تقديم استقالته فتمنى عليه الرئيس سليمان والعديد من الوزراء التريث في اتخاذ القرار، فتجاوب إفساحاً في المجال أمام المزيد من الاتصالات. وأشار جريج إلى أن وزير الخارجية جبران باسيل «لعب الدور اللازم في اجتماع وزراء الخارجية العرب».
من جهته، قال النائب وليد جنبلاط لـ«الأخبار»: «نحن نختلف على جنس الملائكة. في كل دول العالم، عندما يحدث اجتياح لأراضي الوطن، يقاوم الشعب الاحتلال. هنا نحن مختلفون: من يقاوم؟ لبنان أم اللبنانيون؟ من الذي سيقاوم؟ من الطبيعي أن يقاوم الشعب». وتوقّع جنبلاط ألا يتم التوصل إلى اتفاق قبل انقضاء ذكرى «14 آذار» اليوم، لافتاً إلى أن مهلة الـ30 يوماً التي تنتهي الاثنين المقبل ليست مهلة حاسمة، «ويبدو أنه يمكننا تخطّيها». لكن ألم يقل رئيس المجلس النيابي نبيه بري إنها مهلة إسقاط؟ يجيب جنبلاط: «لست خبيراً دستورياً، لنرَ».