منذ خمسة عشر يوما تقريبا صدرت مراسيم تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة تمام سلام , وعقدت الحكومة أولى اجتماعاتها التقليدية برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان وتم تشكيل لجنة لصياغة البيان الوزراي الذي تنال الحكومة ثقة المجلس النيابي على اساسه , كل هذه الفترة لم تكن كافية لصياغة بيان وزاري لحكومة عمرها أقل من ثلاثة أشهر والنقطة الخلافية الوحيدة هي " المقاومة " حيث يتناقش أعضاء اللجنة المكلفة في كيفية إدراج إسم المقاومة في البيان الوزاري حيث يرفض فريق 14 اذار إدراج اسم المقاومة في البيان الوزاري ويطالبون بأن يكون عمل المقاومة منسجما مع الدولة أو تحت رعايتها بينما يطالب الفريق الآخر 8 اذار ان يكون بند المقاومة حرا دون أي تقييد او شروط لعملها أسوة بالبيانات الوزارية للحكومات اللبنانية منذ العام 1990 وذلك استنادا الى النصوص الموجودة في اتفاق الطائف.
أمام هذا الواقع وبعيدا عن أي اصطفافات حزبية أو سياسية يجدر القول أن المقاومة لم تكن صنيعة حزب الله وحده وقد سبقت أحزاب وهيئات كثيرة حزب الله بالعمل المقاوم منذ بداية الإعتداءات الاسرائيلية ضد لبنان وكانت مقاومة العدو الاسرائيلي في لبنان لعقود طويلة محل إجماع اللبنانيين ونقطة تلاقيهم وتوافقهم , ولاحقا انطلقت مقاومة حزب الله         " المقاومة الإسلامية " لتكمل ما بدأه المقاومون الأوائل وتطور العمل المقاوم بسرعة وبدأت نتائجه بالظهور شيئا فشيئا حتى كان الإنجاز التاريخي الكبير باندحار العدو الاسرائيلي من أجزاء كبيرة من الأراضي اللبنانية عام 2000 ومع هذا الإنجاز الوطني الكبير كان الفضل الأول والأخير للمقاومة , المقاومة التي قدمت كل شيء في سبيل تحرير الأرض والوطن والإنسان وقد شهد بذلك العدو قبل الصديق حتى أصبحت فيما بعد حالة شعبية كبيرة لا تقاس بحزب الله وحده وحظيت بإجماع وطني كبير تجاوز الاحزاب والطوائف والمذاهب وتجاوز أيضا مناطق الإحتلال ليتحول في يوم من الايام كل لبنان إلى مقاومة .
إن هذه المقاومة قدمت خيرة الشهداء وقدمت مع أهالي الجنوب والبقاع خصوصا التضحيات الكبيرة في سبيل الوطن والمواطن اللبناني وحده .
إن هذه المقاومة وبغض النظر عن ارتباطها بحزب الله سياسيا وأمنيا وعسكريا إلا أنها يجب أن تبقى محل أحترام وتقدير من مجمل الشعب اللبناني ولو أخطأ حزب الله ربما في يوم ما بحق هذه المقاومة فعلى اللبنانيين جميعا أن لا يتنكروا لهذه المقاومة بل عليهم حمايتها من أي عصبية أو مذهبية أو طائفية ,كما يجب الفصل سياسيا بين الموقف من حزب الله والموقف من هذه المقاومة التي كانت على مدى السنين الطويلة خشبة الخلاص من نير الاحتلال الاسرائيلي لاجزاء كبيرة لهذا الوطن .
إن التنكر للمقاومة هذه لا ينم إلا عن قلة وفاء لدماء الشهداء وتضحيات المقاومين وتعبهم وسهرهم وعرقهم في سبيل لبنان وكرامة لبنان ,كما أن أخذ هذه المقاومة إلى مكان آخر غير قبلتها ووجهتها هو خيانة أيضا لكل الشهداء الذين رووا أرض الجنوب بدمائهم الطاهرة .
إن هذه المقاومة كانت ويجب أن تبقى كلمة الشرف وحروف الكرامة في كل البيانات الوزارية للحكومات اللبنانية حتى يتم دحر الاحتلال من كافة الاراضي اللبنانية المحتلة .
إن على اللبنانيين أن يفرقوا بين مواقفهم من حزب الله ومواقفهم من هذه المقاومة , هذه المقاومة التي أعطت لبنان على مدى سنوات طويلة صورة النقاء والصفاء وبات لبنان حينها نقطة الضوء على مستوى العالمين العربي والاسلامي .
وإن المقدس الوحيد في هذا البلد هي المقاومة التي حررت الأرض والإنسان والتي تحافظ على قبلتها ووجهتها وهي العدو الاسرائيلي وحده  .