لا تزال المحاكمات جارية في لاهاي حيث تجري جلسات الاستماع إلى الشهود في قضية اتهام عناصر من حزب الله باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ,والملاحظ أن حزب الله ومنذ بدء هذه المحاكمات منذ أكثر من أسبوع لا يزال يلتزم الصمت ولم يصدر عنه حتى اليوم أي تعليق أو موقف وذلك بناء على إعلان سابق من الحزب نفسه أنه غير معني بالمحكمة الدولية ولا بما سيصدر عنها .
وأما المحكمة الدولية فهي تقوم بعملها غير آبهة بموقف حزب الله وغير معنية فيه هي ايضا هي تقوم بعملها وفقا لاتفاقية دولية وقّع عليها لبنان منذ سنوات .
ويأتي عمل المحكمة الدولية في الوقت الراهن في ظل استحقاقات عديدة يواجهها حزب الله على أكثر من صعيد تبدأ بانخراطه الفعلي في الحرب الدائرة في سوريا وما نتج عنها من فتنة طائفية سنية شيعية وتمر بالأوضاع الأمنية التي تتعرض لها مناطق تواجد حزب الله ونفوذه وخصوصا الضاحية الجنوبية معقل الحزب الاساسي , وها هي تنتهي بالامس بما أعلنه جيش العدو الاسرائيلي عن استعداده لخوض معركة كبيرة ضد حزب الله حتى لو سقط فيها مدنيون .
إن هذه الاستحقاقات وغيرها تلك المتعلقة بالوضع اللبناني الداخلي تضع حزب الله مجددا في عين العاصفة محليا وإقليميا .
ويعتبر مراقبون أن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أصبحت جزءاً من هذا الصراع الكبير في المنطقة وهي ستكون في مكان ما رهينة الاحداث الكبيرة الجارية في لبنان والمنطقة ذلك أن عمل المحكمة الدولية اليوم يتزامن مع تطورالنزاع المذهبي والعسكري والأمني من سوريا إلى لبنان ومع حزب الله تحديدا ,الامر الذي  يجعل من هذه المحكمة في قلب المواجهة الطائفية القاتلة التي تجري في المنطقة. ورغم أن المحكمة لها ديناميتها الخاصة بها لكنها أصبحت جزءاً من هذا الصراع الأكبر .
ومما لا شك فيه أن ظهور ادلة جديدة تثبت تورط حزب الله بقتل الشهيد الحريري ورفاقه ستؤدي من جديد إل تقويض سمعة حزب الله والتأثير عليها وستؤدي من جديد إلى تأجيج روح الصراح المذهبي الذي بات يهدد السلم الأهلي في لبنان والمنطقة .
ورغم كل ذلك ما زال حزب الله

 من جهته، ما زال حزب الله ينظر إلى المحكمة على أنّها "مؤامرة غربيّة" ضده، ويرفض الاعتراف بها ويحثّ اللبنانيّين على عدم التعاون معها. وفي خطوة ترهيبيّة وقد لجأ الحزب في أكثر من مكان إلى تسريب كل ما يتعلق بالمحكمة وعملها كان آخرها من نشرته صحيفة الأخبار اللبنانية العام الماضي من أسماء الشهود على موقعها الالكتروني الامر الذي أدى إلى وضع أكثر من علامة استفهام حول عمل المحكمة الدولية وطريقة ادائها .

 وفي هذا السياق نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن المحلل السياسي كامل وزنة، المشكّك بالمحكمة. أن هذه التهويلات لا تجدي نفعا مع حزب الله الذي يخوض حرباً مفتوحة في سوريا، ويرسل مقاتليه علنا ً إليها، ومَن الذي سيأتي ويفرض أي شيء عليه في هذه المرحلة؟".

ومن جهة أخرى، قالت صحيفة وول ستريت جورنال أنّ المحكمة ستكون بمثابة اختبار لرد فعل حزب الله في وقت حساس سياسياً على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، وتلعب فيه حليفته إيران دوراً كبيراً كقوة إقليمية عظمى ونقلت الصحيفة في هذا الصدد عن مسؤول غربي قوله: "حزب الله سيضطر إلى التحدث"، دفاعاً عن نفسه في حال عرضت المحكمة أدلة على تورطه في جريمة الاغتيال، أو أشارت إلى ضلوع شخصيّات بارزة في لبنان أو سوريا في الاغتيال.

 

وأما المحاكمات الغيابية، كما يجري الآن في المحكمة الخاصة بلبنان، هي محاكمات نادرة جداً في المحاكم الدولية. فقد واجهت المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة في البداية تحدياً مماثلاً للبنان في تقديم المشتبه فيهم إلى العدالة، إلى أن استطاع الجنود البريطانيون (الذين كانوا في البلقان كجزء من قوة حفظ السلام)، القبض عليهم، كما نقلت نيويورك تايمز عن ديفيد بوسكو، مؤلف كتاب جديد عن المحاكم الدولية. إلا أنّ لبنان، تابعت الصحيفة، قصة مختلفة تماماً، حيث حزب الله، الحزب السياسي الأقوى فيه، والمدعوم من سوريا وإيران، "يترك للمحكمة تأثيرًا ضئيلاً على قراره بعدم التعاون".