بعد 21 عاماً ما زالت رائحة مجزرة قانا، ومازالت الغصة ذاتها عند رؤية مشهد الأضرحة، وقانا لم تنس هذا اليوم، وكيف لها أن تنسى ومشهد الأضرحة يذكرها كل يوم بصوت القذائف، وصراخ الأطفال وجثث الشهداء.
 

اليوم 18- نيسان-2017، وفي مثل هذا اليوم منذ 21 عاماً صرخت قانا، وصمت المجتمع الدولي أمام صور أشلاء الأطفال المبعثرة وملحمة الدم في حرب سميت "بعناقيد الغضب". وبعد هذا الغضب وحده الجنوب من ظل يقاوم بشهداءه، فلم يكن هم الأهالي سوى البقاء على قيد الحياة في سبيل بقاء الجنوب.
لنعود بالذاكرة إلى قانا عام 1996، ففي اليوم الثامن لعملية عناقيد الغضب أي يوم الخميس الواقع في 18- نيسان- 1996 وقبل حدوث المجزرة، شنت اسرائيل حرب نفسية فاشلة على سكان الجنوب مهددة عبر بيانين أصدرتهما "ان قواتها ستكثف عملياتها، وتحظر التحرك على الطريق جنوباً، وأن أية مخالفة لهذه التعليمات معرضة للقصف". وتلت هذه التهديدات مجزرة مروعة بحق المدنيين عجزت الصحف والوسائل الإعلامية الإقليمية والدولية عن وصف فظاعة المشهد، ووقعت مجررة قانا.


إقرأ أيضاً: الطفلة لين للرئيس عون: بتسمحلي قلك جدو
 مجزرة قانا هي (الفخ) الذي وقعت به إسرائيل بعد عجزها عسكرياً وميدانياً، فما كان منها إلا أن لجأت إلى ضرب المدنيين على الأرض مرتكبة مجزرة لا تُنسى ذهب ضحيتها حوالي 110 شهداء، ومعظمهم من الشيوخ والأطفال والنساء، الذين لجأوا الى مركز القوات الدولية في قانا، هرباً من قرى جنوبية عدة نتيجة كثافة القصف البري والجوي.
 وقعت المجزرة عندما تولت إحدى كتائب المدفعية الإسرائيلية المتمركزة على حدود أحد الهنغارين التابعين للقوات الفيجية التابعة للأمم المتحدة من قذائف شديدة الإنفجار، وقد استُهدف هذا الهنغار بثلاث قذائف، وعندما شعر الأهالي بالإنفجار الأول خرجوا ففاجأهم الإنفجار الثاني والثالث، الأمر الذي أدى الى مجزرة حقيقية تعجز كل الكلمات عن وصف بشاعتها وهولها. وكان للمجزرة صداً كبيراً في الأوساط الدولية إذ كانت بمثابة الضوء الذي لفت الرأي العام العالمي، وأحرج اسرائيل أمام المراجع الدولية متذرعةً أن ما حصل مجرد خطأ تقني.
إقرأ أيضاً: فلسطين في عيون أطفالها
ورغم محاولات اسرائيل تبرير المجزرة باعتبارها خطأ، إلا انه من الواضح ان المجزرة كانت مقصودة، فتاريخ اسرائيل حافل بالمذابح وهو خير دليل على فضح أكاذيبها ودعاياتها. كما ان الإعلام الإسرائيلي في ذلك الوقت ناقض نفسه حيث اعترفت صحيفة هآرتس في مقال لها "ان مسألة قانا نفسها من الصعب اعتبارها بمثابة قدر من السماء أو سلسلة أخطاء لا أحد مسؤول عنها".
قانا جرحها لم يلتأم بعد، وإذا كانت المجزرة خطأ العدو فهذا الخطأ لا يغفر، وأكاذيب اسرائيل تُرجمت على أرض قانا، وصور مجزرة قانا وغيرها من المجازر تتجدد في كل ذكرى، وتعود بنا إلى فظاعة عدو ما عاد يتحلى بالشجاعة والجرأة لدخول جنوب لبنان بل يحسب ألف حساب.
مجازر العدو الإسرائيلي كثيرة لا تعد ولا تحصى وبهذه المجازر صمد الجنوب وانتصرت قانا بدمها.