وسط صمتٍ متخاذل، وردود فعل ونعيٍ ثائر، على فكرٍ مناضل، أوقع العدو الإسرائيلي بفريسته وكانت الفريسة الباسل.
 

إصطاد العدو الإسرائيلي فجر أمس فريسته بعد مداهمات تفتيشية مكثفة دامت عاما كاملا من الخوف والرعب من خطرٍ فكري فلسطيني مناضل. ونعت وسائل الإعلام العربية ومواقع التواصل الإجتماعي فجر أمس شهيداً ترك ذكرى "نصر" لمن يعرفه ولا يعرفه. 
فقد نجح الفلسطيني باسل الأعرج (34 عاماً) في شهادته، تلك الشهادة التي أيقظت مشاعر الآلاف من المقاومين المفكرين، وأثارت غيرة الشعب على الأرض مجدداً، وزادت حدة الكراهية والإنتقام من العدو حتى ولو بكلمة أو فكرة ثائرة، ومع كل إغتيال استشهاد، ومع كل استشهاد إنتقام وثأر.

إقرا أيضا: بعد ضرب التلميذ أحمد سعد، من سيعاقب من؟
نجح باسل المثقف والمفكر الذي ربى جيلاً من الشباب على الفكر المقاوم، وقاد حركات نضالية أن يكون معلماً للفكر المقاوم والعمليات الفدائية، وهو العقل الذي خزن كل تراث وتاريخ فلسطين؛ وجد باسل صعوبة في كتابة وصيته متعجباً من وصايا الشهداء المختصرة، ساخراً من بقائه حياً، فقال مودعاً: "أنا الآن أسير إلى حتفي راضياً مقتنعاً وجدت أجوبتي، يا ويلي ما أحمقني وهل هناك أبلغ وأفصح من فعل الشهيد، وكان من المفروض أن أكتب هذا قبل شهورٍ طويلة إلا أن ما أقعدني عن هذا هو سؤالكم أنتم الأحياء فلماذا أجيب أنا عنكم فلتبحثوا أنتم أما نحن أهل القبور فلا نبحث إلا عن رحمة الله".
والآن باسل أصبح من أهل القبور، ونحن تعرفنا على هذا الشهيد بعد استشهاده. أما نحن الأحياء كما لقبنا باسل، علينا أن نبحث عن معنى المقاومة فكرياً وعسكرياً كما فعل باسل تماماً. وما يُحزن أكثر أن لإغتياله صمت مستمر وخذلان واضح، فباسل عاش مطاردة عدوه، وخذلان سلطته قبل خذلان عدوه. فمنذ حوالي عام اعتقلت السلطة الفلسطينية الشهيد باسل مع مجموعة من رفاقه بتهمة تنفيذ عملية كبيرة ضد الإسرائيليين، ودام اعتقالهم ستة أشهر من النضال خاض فيها باسل إضراباً مفتوحاً عن الطعام. وبعد أن أفرجت السلطة عنهم، عاش العدو الإسرائيلي عاماً من الخوف بمطاردة باسل إثر تنفيذ عمليات دهم في مختلف مناطق الضفة المحتلة معتقلاً جميع رفاقه بحثاً عنه.

إقرا أيضا: إلغاء جلسة أمس، إلغاءاً لإقرار الموازنة؟

رحل باسل تاركاً جيلاً تأثر بأفكاره، علّم من كان يعرفه في الماضي، وسيُعلم من تعرف عليه اليوم. وخوف العدو إنقلب إلى ذعر من ما تركه باسل من دروس وأقوال نضالية عاشت بموته. اليوم استشهد باسل بعد أن فضل أن يبقى مطارداً متنقلاً في أحياء موطنه كأنه يعلم أنه مفارقاً الحياة رافضاً الموت أسيراً. فيما يبقى الخاذل أسير خذلانه.