ثمة هواية بات الصحافيون يمارسونها يومياً، وهي البحث عن إبرة هزيمة في كومات من قشّ أعمال الرئيس سعد الحريري وفريقه السياسي، الوزاري خصوصاً، ونشاطاته ومواقفه، في مقابل التعامل مع رئيس الجمهورية ميشال عون باعتباره خارج النقد، بل وبصفته رابحاً مستمرّاً في كلّ مكان.
 

 

ربما هي "رهبة" موقع رئاسة الجمهورية، بعد نحو ثلاثة أعوام من الفراغ وربما هو الضعف في ماكينة الرئيس الحريري الإعلامية، بعد سنوات من التعب والأزمات.

لكنّ المتابع لا بدّ أن يرصد 3 هزائم متتالية للرئيس عون لم ينتبه إليها أحد في أسبوعين.

1 – بعد هجوم وزير الداخلية نهاد المشنوق على "التلويح بالفراغ"، في حديث تلفزيوني بتاريخ 6 شباط 2017، تراجع الرئيس عون عن مصطلح "الفراغ"، وراح يتحدّث عن التوصل إلى قانون جديد قبل انقضاء المهل القانونية والدستورية وفي هذا تراجع كبير يسجّل.

إقرأ أيضا : لبنان مهدد بفراغ قاتل وهذه هي خيارات عون للمواجهة

2 – بعد تغريدة المنسقة العامة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، ردّاً على كلام الرئيس عون عن أنّ "الجيش اللبناني ضعيف"، و"حزب الله يدافع عن لبنان"، وقولها إنّ "لا لبس ولا تأويل في قرار مجلس الامن، فهو يدعو إلى تقوية الجيش اللبناني ليقوم بكلّ المهمات الدفاعية"، عاد عون وأوضح في حديث مرتجل لـ"النهار" في اليوم التالي، بتاريخ 13 شباط 2017، باسم "مصادر بعبدا"، أنّ "عون لم يتقصّد الكلام عن السلاح بل ردّ على سؤال مطروح (في مقابلة تلفزيونية) وشرح الفارق بين السلاح في محاربة إسرائيل الذي لا خلاف عليه والسلاح في الداخل الذي يسبب مشكلة إذا استعمل"  وأكملت المصادر أنّ عون "عندما تناول عدم جهوزية الجيش قصد أنّ الجيش ينقصه العتاد الحربي من طائرات حربية وصواريخ ومدافع لمواجهة إسرائيل، لكنّ الجيش أثبت كفاءته في الأداء في مواجهة الارهاب وفي الأمن الاستباقي، وهي كفاية عالية"،وهذا تراجع عمّا قاله في المقابلة مع التلفزيون المصري.

 

3 – في 17 شباط، وخلال جلسة لمجلس الوزراء، قال الرئيس سعد الحريري إنّ "ما يحمي لبنان هو الإجماع الذي نعيشه والإلتفاف الذي نشهده حول الدولة ومؤسساتها، ونؤكد على وجوب صون العلاقة المميزة مع الدول الشقيقة. فحماية لبنان واللبنانيين من المخاطر الخارجية تأتي أيضا من السياسة التي ينتهجها فخامة الرئيس والحكومة القائمة على احترام المواثيق والقرارات الدولية وعلى رأسها القرار 1701. وسياستنا بالاتفاق مع فخامة الرئيس هي اقامة شبكة أمان قائمة على هذين المبدأين وانفتاحنا على عواصم القرار في أوروبا والولايات المتحدة وروسيا والصين وغيرها. وأدعو الجميع إلى التعاون مع الرئيس والحكومة لكي تبقى هذه السياسة ناجحة في حماية لبنان من كل المخاطر المحتملة وللنهوض باقتصاده وتلبية حاجات الناس". وهذا الكلام مرّ في محضر الجلسة، بوجود وزراء عون، وبموافقتهم، ومن دون أيّ ردّ أو إثارة للموضوع مجددا في بعبدا أو في جرائد الممانعة وشاشاتها.

إقرأ أيضا : إستدعاء الخارجية اللبنانية لسيغرد كاغ يثير تساؤلات المجتمع الدولي والأخير لم يهضم تصرف الخارجية

ثلاث تراجعات في السياسة للرئيس عون في 10 أيام فقط. لا أحد يريد الانتباه إلى أنّ هذا الرجل يحاول أن يكون رئيس كلّ اللبنانيين، ولا يريد الانحياز، وأنّ الرئيس الحريري، والوزير المشنوق، يعملان على تصويب حكمته، ومراقبة أدائه السياسي، ويصرّان على تنقية الأجواء السياسية من المناكفات في جهة، وفي الجهة الأخرى من أيّ اختلال سياسي في التوازن الدقيق الذي أنتجته التسوية.