كما في كل عام تعود ذكرى عاشوراء الإمام الحسين عليه السلام، ويحيي الشيعة هذه المناسبة بأساليب وطرق متعددة، وتشهد هذه المناسبة كما في كل عام سجالات متعددة حول الطقوس العاشورائية من جهة وحول مرويات السيرة الحسينية من جهة ثانية نظرا لما أدخل إلى هذه الطقوس وإلى هذه السيرة من خرافات وبدع لم يتقبلها عقلاء الطائفة كما رفضها أغلب أغلب مراجع الطائفة.
وشهد هذا العام جملة سجالات على خلفية هذه الطقوس والبدع بين أبناء الطائفة نفسها فكان لا بد من البحث عن الحقيقة بعينها الواعية والواقعية والمعتدلة فذهبنا الشيخ الذي سبق غيره في المطالبة بتهذيب الشعائر وخصوصا عاشوراء, الشيخ الذي كان من الأوائل الذين كسروا المحظور لمواجهة ما أُدخل على الدين والعقيدة من الخرافات والبدع إنه الشيخ ياسر عودة .


الشيخ ياسر عودة اكتشف حجم المأساة التي تضرب العقيدة عموما وعاشوراء خصوصا قبل غيره، فبادر وحده ورفع الصوت عاليا ضد المغالات والبدع والشوائب التي تضرب مناسباتنا الاسلامية وبعض عقائدنا الدينية، وأسهم إلى حد كبير في تكوين رأي عام يرفض الطقوس المزيفة والبدع والأضاليل التي ضربت عاشوراء وغيرها من مناسبات الدين والطائفة .

عن ثورة الحسين بمفهومها الحقيقي
وعن عاشوراء الثورة التي تعني كل البشرية 
عن الشعائر الحسينية وطقوس عاشوراء
عن قرّاء العزاء ومسؤوليتهم 
عن كل ذلك وغيره تحدث سماحة الشيخ ياسر عودة وهذا الحوار

ما الذي يجب أن تغيره هذه المجالس في الأوساط الشعبية والإجتماعية .
المرجو من هذه المجالس خصوصا مع تكرارها في كل عام وبالأساس مبدأ احيائها كان لأجل احياء الحق بكل مفاهيمه والإسلام بكل مفاهيمه خصوصا العدل في مواجهة الباطل والظلم .
ومن أهم الشعارات التي أطلقها الحسين ألا ترون ان الحق لا يعمل به وأن الباطل لا يتناهى عنه؟  فهي ثورة حق في مواجهة الباطل وليست بين عائلتين يسعيان إلى السلطة كما يفهمها البعض، فإذا لم نحق الحق في أنفسنا ونرفض الباطل في أنفسنا ومجتمعنا وسياستنا وما الى ذلك فلن تكون هذه المجالس قد غيرت فينا شيئا .
اذا لم تستطع هذه المجالس أن نحب بعضنا ونقدر بعضنا ونتوحد مع كل المسلمين ومع غيرهم فلن تكون قد أتت بأي جدوى ولم تكن أهداف الثورة قد تحققت في أنفسنا وما قيمة المجالس اذا لم توحدنا وتحببنا ببعضنا وما قيمة الدمعة اذا لم تكن دمعة تغيير نحو الأفضل والأحسن ولم تكن دمعة وعي نحو نهج الحسين وأهداف ثورته ولم تكن دمعة عقل تميّز فيها بين الصحيح والفاسد والحق والباطل خصوصا مع الأحاديث المكذوبة على الله ورسوله .
و اذا كانت المجالس لأجل الدمعة فقط فقد بكى عمر بن سعد يوم العاشر عندما قالت له زينب والحسين ملقى على الأرض أي عمر أيقتل أبو عبد الله وأنت نتظر ؟ فأشاح بوجهه وبكى ما قيمة هذا البكاء ؟
هل تحولت عاشوراء إلى احتفالية استعراضية وطقوس تكرر نفسها كل عام ؟
مع الأسف الشديد الذي يثقل عقولنا بالهم والأسى أن نجيبك بنعم، لأنها بالفعل تحولت الى استعراض وطقوس ليست فقط تتكرر في كل عام بل يزاد عليها في كل يوم كذب جديد لاستمالة الجماهير أكثر ولأجل استدراج دمعة المحبين والذي يدمى القلب له أن كل هذا بإسم الحسين .
 ولو رجعنا الى الإسلام وإلى أهل البيت عليهم السلام لوجدنا أن كثيرا من هذه الطقوس وكثيرا مما يسمى شعائر تدمي قلوبهم والسبب واضح أننا انحرفنا عن اهداف الثورة وقيمتها ومبادئها ومع الأسف الشديد تجد أن هذه الطقوس المشابهة والمأخوذة من الأرثوذوكس والقفقاز ومن الهنود ومن البوذية كالتطبير، ومما يفعله بعض أهل التصوف، كل ذلك قد أضفى بثقله على موسم عاشوراء حتى نسينا ما يريد الحسين .
ألا ترون من ضرورة لتهذيب الشعائر الحسينية وعلى عاتق من تقع هذه المسؤولية ؟
لا نرى ضرورة بل نرى وجوبا وتكليفا ملقى على عاتق العلماء لأن كثيرا مما يسمى شعائر هو بدع تسيء الى الحسين وثورته وأتباعه ومحبيه والنبي(ص) قال اذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه والا فعليه لعنة الله .
و الله قال في كتابه : "والذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله " 
مع الأسف نجد كثيرا من العلماء ومنهم مرجعيات دينية تخاف من العوام ومن ممارستهم المسيئة لثورة الحسين ويخافون من بعض المشايخ العوام في فكرهم الذين يعلمون الناس تحت غسم الشعائر . 
وقد كان الحسين عليه السلام الثائر على الباطل، وضد الظلم وضد سلب أموال الناس وضد تحريم حلال الله تحليل حرامه كما قال في حديثه : مَنْ رأى سلطانًا جائرًا، مستحلًّا لحرم الله، ناكثًا لعهد الله، مخالفًا لسنّة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، ثمّ لم يُغيِّر بقول ولا فعل، كان حقيقًا على الله أن يدخله مدخله)؟ 
ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفي‏ء، وأحلّوا حرام الله وحرموا حلاله، وأنا أحق من غيري.
فمتى كان الحسين هذا يواسى بضرب الرؤوس ونزف الدم ومسيرة الكلاب زحفا نحو المقام والمشي على الجمر ودهن الاجساد بالتراب والرقص على جراحات أبنائه في بعض الحسينيات وما إلى ذلك من بدع تزداد كل يوم ثم لا تجد من يقف بوجهها .
المسؤولية كبيرة على قراء العزاء مع محبتي وتقديري لهم لأن الحسين يجذب اليهم هذا الحضور فلذلك مسوؤليتهم كبيرة، والمسؤولية الاكبر على عاتق المراجع الذين نحترم ونجل ونطالبهم بتوجيه رسائل شديدة وعلمية ضد بعض المرجعيات التي تحمي هذا التخلف وهذا التحول .
وقد ناشدنا منذ سنتين العلماء والمرجعيات للوقوف بوجه هذه الشعائر المصطنعة والمبتدعة ومع الأسف تمت مواجهتنا  بكلمات أخرجتنا من الدين ولكن الحمد لله بدأت هذه السنة محاولات لإخراج عاشوراء من الخرافة كمثل موقف المرجع السيستاني حيث اكد على ضرورة إخراج الخرافة من عاشوراء والسيد الخامنائي حيث طلب من العلماء ان يواجهوا هذه الخرافات بشدة، ولكن هذا لا يكفي ولا بد من التصدي بقوة والاستفادة من الوسائل الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي خصوصا .

إحتكار مناسبة عاشوراء من قبل الشيعية هل تحولت إلى مناسبة طائفية محدودة التأثير ؟

مع الاسف هناك البعض من أبناء الطائفة الذين ليس لديهم بعد نظر لا ديني ولا ديبلماسي حدّوا كثيرا من تأثير هذه الثورة وجعلوها شيعية بل وجهوا سهام الإتهام الى السنة وهذا طبعا ليس صحيحا بل هو ضيق أفق بالنظر الى الملحمة الحسينية بل إن الحسين هو إمام المسلمين جميعا وليس إمام الشيعة وحدهم لأن الحديث ورد عند جميع المسلمين الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة .
وأخالني من باب الحب والود تجاه الحسين عند بعض السنة ولكن المزايدات عند بعض الشيعة حصرت المناسبة ببعدها الطائفي بهذا الشكل .
الامام الحسين قضيته قضية الاسلام وإذا أراد لنا أهل البيت عليهم السلام أن نحييها فلكي نحيي من خلالها تعاليم الاسلام كما قال الحسين عليه السلام " وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين .

ما هو موقفكم مما يبث اليوم على بعض منابر عاشوراء في الجنوب ؟

وما يبث الآن من ثقافة على بعض منابر الجنوب ومدنه العريقة ومع احترامنا لرعاة هذه المجالس ومحبتنا و تقديرنا للقراء لم يألفه لبنان وشيعة لبنان تاريخيا لا من حيث تفسير القرآن بالرأي الذي ينبذه كبار المراجع ولا من حيث التاكيد على الطقوس، وما ابتدع وسمي شعائر ولا من حيث التعرض للآخرين بطريقة مسيئة أو التعرض للعلماء بطريقة مهينة وكأن الله جعلهم وكلاء في أرضه يدخلون من يحرم التطبير إلى النار ويجعلون في الجنة من يشاؤون وخصوصا خدام الحسين وقد ابتدعوا له حديثا أن الله يستحي أن يحاسب خدام الحسين والله يحاسب انبياءه في كتابه .

كلمة اخيرة ودعوة إلى قطبي الطائفة في لبنان لإخاج الخرافة من عاشوراء 

رسالة من قلبي ومع محبتي للجميع إن عاشوراء يجب ان تكون مناسبة وحدة بين المسلمين جميعا ومناسبة محبة وإلفة وأن نظهر الحسين إلى العالم لا أن نحصره في نزنزانة الحسينيات وأن نقدمه بطريقة حضارية موافقة للعقل والمنطق والدين لا أن ننفّر الناس من حوله.
وإلى إخواني في لبنان خصوصا إن جبل عامل منارة للعلماء ومصدر العلم والوعي والمعرفة إلى العالم الاسلامي وليس خافيا أن إيران تشيعت بفضل الشيخ البهائي، ولذلك يجب علينا أن نحافظ على هذا الإرث العلمائي الضخم كالسيد الأمين والشهيد الأول والثان والحر العاملي والشيخ مغنية والسيد هاشم معروف الحسيني إلى أن نصل إلى المرجع الراحل فضل الله فحرام وحرام أن تبثوا بين أبنائه بدعا و تخلفا وطقوسا خرجت من رحم الشيخية والصفوية .
وحرام ثم حرام أن تجعلوا من هذا الجبل الشامخ بعلمائه وشهدائه وشعرائه و ادبائه وسيلة يلعب بها طلبة لا يفقهون من الدين شيء.
واتوجه أيضا بهذا النداء الى قطبي الطائفة ولما لهم من تأثير على جماعاتهم أن يخرجوا الخرافة من المجالس .