شكلت عملية درع الفرات التركية داخل الاراضي السورية فرصة جديدة لتأكيد المؤكد حول الدور التركي في هذه الحرب، ومع انطلاق هذه العملية والدخول إلى عمق الأراضي السورية يتعاظم الدور العسكري التركي في المنطقة، ويأتي ذلك بعد الزيارة التاريخية لأردوغان الى روسيا والإتصالات العالية المستوى بين تركيا وإيران، ما يؤشر ربما إلى فتح صفحة جديدة في مجريات الحرب السورية، واعتبار سورية كساحة متقدمة للمناوشات العسكرية والسياسية الدولية والإقليمية.
في الوقائع أطلقت تركيا أمس عملية برية مزدوجة داخل الاراضي السورية ضد تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) والمقاتلين الاكراد الذين حققوا في الأشهر الأخيرة مكاسب واسعة على الارض في الشمال السوري تعزز فرص نظامهم الفيديرالي الذي اعلنوه. وتعيد العملية التي حملت الاسم الرمزي "درع الفرات" خلط الاوراق على الساحة السورية، ذلك أنها تشكل أوسع تدخل من دولة عضو في حلف شمال الاطلسي في الأزمة السورية المستمرة منذ خمسة أعوام.
وإذا كانت واشنطن تؤيد طرد تركيا "داعش" من بلدة جرابلس السورية التي تشكل آخر منفذ للتنظيم مع العالم الخارجي، فكيف سيكون موقفها من الاصطدام المحتمل بين القوات التركية المتوغلة و"وحدات حماية الشعب" الكردية التي تعتبرها أنقرة فرعاً من "حزب العمال الكردستاني" الذي تقاتله. وسارع الاكراد السوريون الى التنديد بالتوغل التركي، وكذلك فعلت دمشق، بينما أبدت موسكو قلقها.
وصرّح الرئيس التركي طيب إردوغان عقب استقباله نائب الرئيس الاميركي جو بايدن الذي بدأ زيارة لأنقرة، بأن مسلحين من المعارضة السورية تدعمهم تركيا استعادوا جرابلس من "داعش" بعد ساعات من إنطلاق العملية العسكرية التركية التي شاركت فيها دبابات وقوات خاصة تركية ودعمتها طائرات أميركية وتركية.
وأضاف أن خوض منظمة إرهابية حربا ضد منظمة إرهابية أخرى لا يجعلها بريئة وأن كلاً من "داعش" و"وحدات حماية الشعب" الكردية المدعومة من واشنطن في سوريا منظمتان إرهابيتان.
بايدن
أما بايدن فقال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع اردوغان إن الولايات المتحدة تعتقد اعتقاداً جازماً أنه يتعين على تركيا السيطرة على حدودها وأنه يجب ألا يكون هناك احتلال للحدود من أي جماعة أخرى. وأكد أن الجيش الأميركي يوفّر غطاء جوياً للعملية التركية، وأنه ينفي أن تكون سوريا كاملة وموحدة وألا تنقسم أجزاء.
وعقب لقاء ورئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم، أعلن بايدن أن واشنطن ابلغت الميليشيات الكردية وجوب عدم العبور الى غرب الفرات حيث تقع جرابلس. وقال: "قلنا بوضوح إن على هذه القوات ان تعبر مجدداً النهر"، مشيراً الى "قوات سوريا الديموقراطية" (قسد) التي يشكل المقاتلون الاكراد القسم الاكبر منها، في حين ان انقرة قلقة من تقدم اكراد سوريا وسيطرتهم على اراض قريبة من حدودها. وشدد على ان القوات الكردية "لن تلقى أي دعم من الولايات المتحدة اذا لم تحترم تعهداتها، نقطة على السطر".
وكرر يلديريم ان تركيا "لن تسمح بوجود اي كيان كردي على حدودها" مع سوريا.
وأفاد مسؤول أميركي أن الولايات المتحدة استخدمت مقاتلات وطائرات بلا طيار في شن ثماني غارات جوية على "داعش" في جرابلس.
وأطلقت العملية العسكرية التركية عشية إجتماع مقرر في جنيف بوزير الخارجية الاميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف في محاولة للتوصل إلى اتفاق على تعاون عسكري محتمل يهدف إلى هزيمة "داعش" في سوريا.
واستناداً الى مسؤول أميركي كبير من المقرر ان يطلع كيري الذي وصل الى مدينة جدة السعودية أمس، زعماء السعودية ودول عربية خليجية أخرى على نتائج أحدث اجتماعات عقدتها الولايات المتحدة مع روسيا في ما يتعلق بالتعاون العسكري في سوريا .
وأضاف ان كيري سيطرح مقترحات في شأن إنهاء الصراع باليمن ومعاودة محادثات السلام.
الاكراد
ووصف الناطق باسم "وحدات حماية الشعب" الكردية ريدور خليل التدخل العسكري التركي في سوريا بأنه "اعتداء سافر على الشؤون الداخلية السورية" وهو ناجم عن اتفاق بين تركيا وإيران والحكومة السورية.
وسئل عن طلب تركيا من "وحدات حماية الشعب" الانسحاب إلى شرق نهر الفرات، فأجاب بأن "قوات سوريا الديموقراطية "مخولة بالرد على طلب كهذا من تركيا".
ومعلوم ان "قوات سوريا الديموقراطية" تشن حملة على "داعش" في شمال سوريا وتحديداً في الآونة الأخيرة غرب الفرات.
الموقف الروسي
وفي موسكو، قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان: "موسكو قلقة جداً مما يحدث عند الحدود التركية - السورية. ان احتمال تدهور الوضع بشكل اضافي في منطقة النزاع يشكل مصدرا للقلق". وعبرت عن قلقها خصوصا "لاحتمال سقوط ضحايا من السكان المدنيين وتفاقم الخلافات بين الاكراد والعرب". وخلصت الى ان "الازمة السورية لا يمكن ان تحل الا على أساس القانون الدولي وعبر حوار بين الاطراف السوريين بمشاركة كل المجموعات الاتنية والطائفية بما يشمل الاكراد".