بعد مضي اكثر من أسبوع على بدأ الهجوم الوحشي على نساء غير ملتزمات باللباس الشرعي المعترف من قبل النظام، تستفحل الآزمة في ظلّ قصور المعنيين في ملاحقة المجرمين، والحيرة العارمة والشكوك من الأسباب الحقيقية والأيدي التي تقف وراء هذه الجرائم الشنعاء التي يتبرأ منها حتى الدولة الإسلامية في العراق والشام، التي لم تجد عقوبة باسم رشّ الحمض على وجوه السافرات.

لا نريد اتهام أي شخص أو جهة بالتورط في هذه الجرائم المؤلمة، قبل الكشف عن الحقائق الذي لا يمكن التفاؤل في ذام المجال، ولكن هناك قرائن تساعد في فهم الموضوع؛ حيث أن سبقت هذه الجرائم، إنذار إمام جمعة إصفهان، غير الملتزمات باللباس الشرعي، وأعرب عن يأسه بإصلاحهن، وأن حان الأوان لرفع العصا على رؤوس تلك النساء!

ربما البعض من المتدينين فهموا من هذا الكلام، بأن من حقهم المبادرة بعقوبة نساء غير ملتزمات باللباس الشرعي، بإلقاء كأس من الأحماض على وجوههن.

وفي التفاصيل، يقال إن المجرمين، كانوا يقفون حد الشوارع، وعند مشاهدة نساء غير ملتزمات باللباس الشرعي، يطلبون منهن الوقوف من أجل سؤالهم عن عنوان أو ما شابه ذلك وفور وقوفهم كانوا يرشون الأحماض ويلوذون بالفرار.

وما يثير استغراب المراقبين، عدم نجاح الشرطة في العثور عليهم، رغم أن هناك أنباء متضاربة، تفيد بإلقاء القبض عليهم، إرضاءاً للراي العام ولكنه ما إن يبث حتى ياتي نقيضه.

ردّاً على تلك الجرائم، اجتمع عشرات الآلاف من المتظاهرين أمام قصر العدل بمدينة إصفهان مطالبين بملاحقة المجرمين والكشف عن الحقيقة. 

وبينما يحترق المواطنون الإصفهانيون، من صدمة تلك الجرائم البشعة، جاءتهم صدمة لا يقل عن تلك الحرائم الحمضية، حيث أعلن الحرس الثوري فرع محافظة إصفهان عن تفكيك خلية ناشطة في المجال الإفتراضي، تقوم ببث صور إباحية وما شابه ذلك!

ولم يكف الحرس الثوري، بإلقاء القبض علي هؤلاء الشباب، بل صوّر اعترافاتهم الجبرية، وبثها عبر قناة إصفهان الحكومي! في استهتار واضح لمشاعر الشعب، وآلام عوائل الضحايا.

يتساءل المواطن الإيراني، عما إذا لو يصل القوة المخابراتية والأمنية لدى النظام إلى درجة يدعي المسؤولون بأنهم يراقبون حتى حركات النملة في الشوارع، فكيف أصبحوا عاجزين عن ملاحقة هؤلاء المجرمين الذين يقومون بواجبهم! في واضحة النهار؟

وفي شأن متصل ينفي المتشددون الدينيون أي صلة لهم بهذه الجرائم، بل يفرون إلى الأمام، وقارن أحدهم ، وحيد يامين بور، بلهجة تهكمية، بین هذه الجرائم وسلسلة من الاغتيالات بين صفوف المعارضة في العام 1997، واستنتج أن الإصلاحيين في العام 1997 في بداية حكمهم كانوا بحاجة إلى استجلاب الدعم الشعبي لشعاراتهم كما أنهم كانوا بحادة إلى الظهور بمظهر المدافع الوحيد عن الشعب، ولذلك شنّوا تلك الاغتيالات، وألمح يامين بور إلى أن حكومة روحاني هي التي تقف وراء هذه الجرائم الحموضية.

ربما نسى يامين بور أن الذي فضح العناصر المجرمة المتورطة في تلك الاغتيالات، هو الرئيس محمد خاتمي الذي أصدر إعلاناً رئاسياً رسمياً صرح فيه أن عناصر من المخابرات الإيرانية ارتكبت الاغتيالات، خلافا للمرشد الأعلى الذي كان يؤكد على أن تلك الجرائم هي من أعمال الأجهزة المخابراتية المعادية، ألأمريكية أو الإسرائيلية!

والحقيقة ربما تكمن في المقارنة بين حكومة خاتمي وحكومة روحاني، ولكن بشكل معاكس عما يقوله يامين بور المحافظ المتشدد المقرب من الرئيس أحمدي نجاد، حيث أن الفئات المتشددة أو شبيحة النظام، كانت ساخطة على حكومة خاتمي كما هي الآن ساخطة على روحاني، ولهذا تقوم بالاغتيالات في عهد الأول ورشّ الأحماض على غير المتحجبات وإرهاب المواطنات في عهد الثاني، في محاولة منهم لتيئيس الشعب من الإصلاحيين والمعتدلين. 

نعم، لم تحدث جريمة رشّ الأحماض على وجوه غير المتححبات في عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد (صديق يامين بور) لأن الذين يقومون بهذه الجرائم، ما كانوا يريدون تحميل أعباء إضافية لحكومة نجاد، أو إنهم كانوا مشغواون بنهب ثروات الشعب عبر تصدير النفط والمشتقات النفطية التي أصبحت في عهد نجاد، من ممتلكاتهم الشخصية.

قلّم الرئيس روحاني أظافر هؤلاء اللصوص/ الشبيحة من جماعة نجاد، من مصادر رزقهم الوسخة وهم لا يألون أي جهد من أجل إفشال حكومته، عبر إنتاج أي ازمة يتمكنون منها، وليس من  المستبعد، أن يكون الجرائم الحموضية الأخيرة التي راحت ضحيتها 6 من النساء البرئيات، حلقة من تلك العراقيل والأزمات.