جولة طرابلسية جديدة يحتشد لها طرفي النزاع القديم من أهل جبل محسن وأهالي باب التبانة, زوداً ودفاعاً عن النظام السوري, بالنسبة للجبل العلوي, وعن المعارضة بالنسبة لباب التبانة السُني, فهل تكون جولة اليوم كجولات الأمس ؟ أم أن هناك قرار ما لفتح ثُغرة لبنانية في الجدار السوري تعيد ترسيم حدود البلدين والشعبين وفق نتائج الحرب التي تسيطر عليها رغبات طائفية ومذهبية ممن يحسبون أنفسهم أقليَات .
وسط أكثرية سنية هائجة تعيد دمج الهوية السلطوية وفق سماتها الخاصة, و تقوم بتبديد المشتركات القائمة بين مكونات المجتمعين العربي والاسلامي .
منذ الأزمة السورية واللحية السلفية تمتد طولاً في شمال لبنان, وفي طرابلس تحديداً, احتجاجاً منهم على قتل أهل السنة في سورية من قبل النظام العلوي, ومن قبل ايران, من خلال تدخل حزب الله ولواء أبي الفضل العباس العراقي في الحرب السورية ,ولصالح النظام .واستطاع السلفيون من اقامة امارة خاصة بهم في طرابلس الى جانب الامارات القائمة من قبل اسلاميين يتقاطعون مع السلفيين في الموضوع السوري ,وآخرين مختلفين مع التيار اللحوي السلفي لجهة مواقفهم من ايران وسورية .
الدولة اللبنانية ومن خلال الأجهزة الأمنية استطاعت حتى الأمسى من تقيد الخلاف,, وجعله تعبيراً محلياً ضيقاً عن ظاهرة الاختلاف بين اللبنانيين في الموضوع السوري, ولم تتجاوب مع دعوات دافعة الى زجَ مؤسسات الدولة في لعبة الصراع ,واتخاذ طرفاً دون طرف للدفاع عنه واسقاط الآخر باعتباره خارجاً على القانون, ولم تتمكن الكمائن المنصوبة للجيش اللبناني من دفع المؤسسة العسكرية الى التعامل مع امارات طرابلس بالطريقة التي تعاملت فيها مع مخيم نهر البارد.
من هنا تعلو دعوات أكثرها خبيثة لحمل الدولة على استرداد دورها الأمني في مفصل خاص جداَ وفي سياق سياسي متصل بحسابات مذهبية وطائفية من شأنه الاسهام في الغاء ماتبقى من دور رسمي لصالح الأدوار الحزبية . لأن العلاج والحلَ لا يكونان من خلال مجاراة المختلفين والمتقاتلين والتفاعل المؤدي الى التماثل مع جهتي الحرب في طرابلس , وانما يكونان من خلال الحلول السلمية بواسطة الدفع نحو التوصل الى حل مناسب تجترحه الطبقة السياسية المسيطرة على لبنان وأداً للفتنة المنتظرة