من يحمي الوطن الخطة الأمنية أم التسوية السياسية ؟
بعد تفجير الضاحية نهض اللبنانيَون من كبوة الأمن, واستفاقوا على كميَات من المتفجرات الوافدة من دول تتقن فنَ التفخيخ للتعبير عن مخاصماتها السياسية في ملفَات كثيرة, تتصدَر الأزمة السورية أولى عناوينها, كما يتضمن البرنامج النووي الايراني أحد أبعادها الأساسية . بعد الضاحية, وبساعات, كانت مدينة طرابلس على موعد مع الموت الطائفي, وكان ردَ فعل المصلين منتظراً بفارغ الصبر عند المُفخخين تنشيطاً منهم لجولة عنفيَة تدور رحاها بين جهات الطوائف ,وعلى خطيَ باب التبانة وجبل محسن, والأصولية المستوفية لشروط الحرب بوجهيَها السُني والشيعي .
فوَت أهل الخصام الداخلي الفرصة على أهل الخارج, ولم يبادر أهل الضاحية الى ردَ فعل سلبي, كما لم يبادر أهل طرابلس الى ردَ مؤذ يسهم في اشعال نار الفتنة المنتظرة على أكثر من مفرق, وتمَ التعامل مع التفجيرات كوسائل اسرائيلية تدفع اللبنانيين الى الفتنة الداخلية . هذا التعاطي الداخلي أكَد حرصاً لبنانياً يستمهل الخطرالسياسي والطائفي والآتي مع رياح عاتية عديدة, واتخذت قيادة حزب الله تدابير أمنية مشتركة مع أجهزة الدولة لبناء ثقة أمنية فُقدت مع التفجيرات, وأعطت الضاحية حُقن أمنية للتخفيف من حدَة التوتر الشعبي المُستهدف بأبشع أنواع القتل .
ومن ثمَ تمَ تسليم الحواجز الأمنية للأجهزة المختصة, وأمست الضاحية محاطة ومحاصرة بتدابير أمنية ثابتة أقفل معها الكثير من المعابر الضيقة كما هو حال منطقة الشياح التي تساهلت في تدابيرها المُتخذة حرصاً من أهلها على مصالح تحتاج الى التخفيف من حدَة التوترات النفسية بدلاً من مضاعفة الشحن النفسي بطريقة هستيرية تعصف بأوضاع سكان المنطقة . اجتمع اللبنانيون المختلفون في السياسة على أولوية الأمن, وتقاطعوا بعد أن اختلفوا على هويَات عناصر الأمن بين الحزبية والحكومية, ودفعت الخطوات الأمنية الرسمية بالمناطق المُستهدفة الى حالة من الرضا طمأنت القانطين بنسبة مقبولة حسَنت من شروط تجاوبهم مع الاحتياطات الأمنية والتي وصلت الى المدارس, وشملت أمكنة العمل, والمؤسسات الخاصة والعامة .
يقرَ جميع اللبنانيين بثقل الأمن من جهة, وبصعوبة التخلَص من العمل الارهابي من جهة ثانية, ويؤكدون على أنَ التدابير ماهي الا عناصر مُخففة لموجات العنف, ولا يمكن من خلالها القضاء على الظواهر العنفية وسواء أكان حرَاس الأمن من جهات حزبية أو من قبل الأجهزة الرسمية المختصة .وبالتالي هل صيف الخطة الامنية مثل شتائها ؟ وهل تملك الأجهزة الأمنية الطاقة الكافية للبقاء قادرة على تأدية واجبات الخطة الأمنية الى مالا نهاية ؟ وهل بمقدور الدولة التفرَغ لنزف أمني دائم يتطلب امكانيَات تفوق قُدرات السلطة ؟ أسئلة كثيرة مفتوحة على هواجس الأمن في لبنان وهي تتكاثر باستمرار باعتبارها موجة جارفة لاجابات متواضعة .
 من هنا يبدو أن الذهاب باتجاه التسوية السياسية أضمن أمنياً ويحمي اللبنانيين من مخاطر التفجير ومن مضاعفات كثيرة لا طاقة للبنان بها . هل يُدرك جهابذة الطوائف في لبنان مفتاح الأمن فيسارعون الى تشكيل حكومة ضامنة لمصالح الناس أمنياً واقتصادياً واجتماعياً ؟ أم أنَ العنف يلبي حاجات ومصالح نحن لا نُدركها لذا يتعاطون مع الأمن بالهامش المُتاح لهم أقليمياً ودولياً ,وتبعاً لضرورات المصالح التابعين لها .
لا شك بأنَ هناك تعقيدات كثيرة مؤخرة من تسوية سياسية تفضي الى أمن ضامن للبنانيين. لذا سيبقى لبنان في عهدة التدابير الأمنية, وتحت رحمة الارهاب الذي يضرب بطرق عمياء لكنها تُبصر الناس جيداً كأهداف ثابتة للحروب التي لا تهتمَ الاَ بحصد أرواح النَاس .