انتهى مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم من مهمته في إطلاق المخطوفين بنجاح بعد مرور سنة وخمسة أشهر حفلت بالمساعي لإعادتهم إلى لبنان.وحتى وصلت هذه العملية إلى خةاتيمها المرجوة كان على اللواء ابراهيم زيارة  اللواء السوري علي المملوك، الذي كان مُفاوضاً من طرف النظام السوري، والمطلوب في الوقت عينه للقضاء اللبناني في قضية الوزير السابق ميشال سماحة. وهذا ترك أسئلةً سياسية وقانونية حول تداعيات ذلك.

 

وكما العادة، انقسم اللبنانيون إلى فريقين. فريقٌ وصّف دور ابراهيم بـ"الاستثنائي والبطولي". وآخر قال إن ابراهيم "خالف القانون بمقابلته مملوك، على الرغم من نجاحه في تحرير المخطوفين".

 

في هذا السياق، أوضح الخبير القانوني الدكتور أنطوان سعد  أنّ هذا النوع من الزيارات الخارجية لأي موظف، يجب أن يُوافِق عليه مجلس الوزراء، إلاّ أنّ المجلس معطّل حالياً، وفي هذه الحالة يمكن أخذ الموافقة من رئيس الحكومة أو وزير الداخلية. لكنّ سعد أكد أنّ القصّة حالياً ليست في الزيارة، "إنّما المستغرب لقاء شخصيّة مطلوبة للقضاء اللبناني".

 

واعتبر سعد أنّ "مقابلة مطلوب للعدالة هي مخالفة قانونيّة، خصوصاً وأن اللقاء لم يُفد السلطات اللبنانيّة بمعلومات عن المطلوب، ومكان إقامته، لتسهيل مهام السلطة اللبنانيّة باستدعائه للمثول أمام القضاء، وهذا ما يمكن اعتباره إعاقة للعدالة ومساهمة بتهريب مطلوبين منها".

 

إلاّ أنّ سعد استبعد بطبيعة الحال أن يتم اعتبار اللواء ابراهيم، الذي يشغل مركزاً مهمّاً في الدولة، مخالفاً للقانون، أو أن يتمّ توجيه أي ملاحظة له. لكنّه أصرّ على أنه في حال عدم اتّخاذ السلطة التنفيذيّة أو التسلسليّة (أي الرتبة الأعلى) أي تدبير بحق ابراهيم، فهذا يعني "أنّهم جميعاً موافقون ضمنيّاً على ما يفعله"، مستشهداً بما حصل بالأمس القريب بعد اتصال اللواء ابراهيم بالجهات الخاطفة للطياريْن التركيين، مشيراً، إلى أنّ التواصل مع الجهات الخاطفة هو بحدّ ذاته مخالفة، وتساءل سعد عن عدم ملاحقة الخاطفين، فيما تمّت ملاحقة خاطفي الأستونيين سابقاً.

 

وأكد سعد أن السلطة في لبنان "تطبّق القواعد القانونيّة والقضائيّة بطريقة انتقائيّة، وتمارس الشواذ الذي لا يأتلف مع بناء الدولة".

 

المحامي مروان صقر، أوضح من ناحيته أنّه "لا وجود لنصّ قانوني صريح يمنع اللقاء بمطلوبين، لكنّ نصوصاً صريحة موجودة، توجب اتخاذ إجراءات معيّنة بحقّ من يقوم بذلك دون التزام الإجراءات اللازمة، أي باعتقال المطلوب، أو حتى تسليم معلومات عنه للسلطة اللبنانيّة"، مشيراً إلى أن المسؤولية أكبر في حالة اللواء ابراهيم، لكونه "رجل أمن، ويجب عليه تنفيذ مذكّرات القضاء العسكري اللبناني".

 

مصدر قانوني آخر رفض ذكر اسمه، أكد لـNOWأنّه مهما كانت رتبة أي شخصية رفيعة في الدولة، فهي "معرّضة للملاحقة القانونيّة في حال إخلالها بالواجب تجاه الدولة اللبنانيّة، وهناك مواد وبنود تُحاكم بموجبها".

 

سياسيّاً، اعتبر عضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت أنّ ما حصل في قضيّة تحرير مخطوفي أعزاز "جزء من مسرحيات "كاسكا الخياليّة"، خصوصاً أنّ مدير عام الأمن العام الذي يمثّل الدولة زار شخصاً مطلوباً للعدالة ومتّهماً بعمليات إرهابيّة في لبنان"، مشيراً إلى أنّ "مملوك ساهم فعلاً في سجن المئات من النساء السوريات وعذّبهنّ لا أكثر ولا أقل".

 

ولم يستغرب فتفت تعاطي الجهات الأمنيّة والسياسيّة والقضائيّة اللبنانية في هذا الملف، معتبراً أنّ "جريمة خطف الطياريْن التركيّيْن طُويت ووُضعت في أدراج النسيان، على الرغم من أنها طالت مصالح لبنان السياحيّة والاقتصاديّة والدبلوماسيّة، لكن القضاء أبدى تهاوناً مفجعاً بحق البلد والأمن".

 

ووصف فتفت التعاطي بالشأن الأمني والسياسي بـ"الانحدار الكبير" تحت عنوان "تسجيل انتصار للمدير العام للأمن العام لتمرير قضيّة مملوك على أنّها لا شيء". فتفت الذي قال إن قضيّة التفاوض لتحرير اللبنانيين من أعزاز "انسانيّة بحت"، ومن هذا المنطلق قام اللواء ابراهيم بهذه اللقاءات مع مملوك، إلا أنّه أكد أن ذلك يعدّ "مخالفة، لو كنا نعيش في دولة قانون ومؤسسات، لكنّنا نعيش في دولة ميلشيات حيث يعود القرار الأوّل والأخير لحزب الله".  

 

في المقابل اعتبر عضو حركة أمل النائب علي خريس أنّ "اللواء ابراهيم يدرك تماماً واجباته، وخصوصاً ما عليه فعله تجاه هذه القضيّة التي بادر إلى إتمامها على أكمل وجه، وهو يدرك تماماً هويّة الجهات التي ساهمت في انجاح هذه العمليّة".

 

وتوجّه خريس بالشكر إلى كل "الدول التي ساهمت وتعاونت في هذه القضيّة بدءاً من الدولة اللبنانيّة، إلى سوريا، وتركيا، وقطر والسلطة الفلسطينيّة"، معتبراً أنّه "يوم مهمّ في تاريخ لبنان اشترك فيه الجميع، ولم يكن موجّهاً إلى جهة أو طرف واحد".

 

وتعيلقاً على ذلك صرّح اللواء ابراهيم لصحيفة السفير في عدد اليوم الخميس 24 تشرين الأول 2013 بأنه لن ينزلق إلى سجال مع أحد، وأضاف: "لكن يهمني أن أؤكد انني أعمل اساساً بتوجيهات السلطة السياسية التي أفيدها تباعاً بما أفعله، ثم إنه من المؤسف ان يكون البعض قد بنى مواقفه على معلومات صحافية، في حين أن أحداً لا يعرف من ألتقي على المستوى الأمني في سوريا، وأنا من بين المسؤولين الذين يعرفون حدودهم جيداً ويحرصون على العمل وفق القانون والأنظمة المرعية الإجراء، ولست مستعداً لفعل أي شيء يتعارض مع هذه المبادئ".