خلال تشييع عدد من القتلى الذين سقطوا ضمن ما يعرف بـ«مجموعة تلكلخ»، في إحدى البلدات الشمالية، لفت نظر بعض مراسلي وسائل الاعلام نساء منقبات تحملن الأسلحة الرشاشة وتشاركن في مسيرات التشييع...

ظن بعض المتابعين آنذاك أن النسوة المسلحات هنّ قريبات للقتلى أردن التعبير عن غضبهن بحمل السلاح، وللتأكيد على الالتزام بنهج «أقربائهن الشهداء» وبفتاوى الجهاد في سوريا.

لكن ما لم يكن يخطر على بال هؤلاء أن ما شاهدوه كان عبارة عن نواة للواء عسكري نسائي يتم تأسيسه بمبادرة من بعض المتشددات دينيا تحت اسم «لواء الناصر صلاح الدين»، بالتنسيق مع مجموعات لبنانية تقاتل مع «جبهة النصرة»، وذلك بهدف إرسالهن للقتال في سوريا.

حتى الأمس القريب، كان هذا الأمر يعتبر «سريا للغاية»، لكن تفاصيله بدأت تتكشف تباعا عبر عدد من مواقع التواصل الاجتماعي، فضلا عن نشر صور عبر الأجهزة الخلوية لمنتميات الى هذا اللواء وهن بسلاحهن الكامل.

ويتابع أكثر من جهاز أمني في طرابلس والشمال تحركات اللواء العسكري النسائي الذي تترأسه المدعوة (م . ص)، وهي من إحدى البلدات الشمالية المطلة على طرابلس، وحائزة على ماجستير في الدراسات الاسلامية وتعمل منذ أشهر مع مساعدات لها على تعبئة وتجنيد النساء من أجل القتال في سوريا.

وتشير معلومات أمنية رسمية الى أن قائدة اللواء النسائي وهي قريبة أحد القادة الميدانيين الناشطين على خط سوريا، «تمتلك إمكانات مالية لا بأس بها، وتمكنت خلال الفترة الماضية من تجنيد أكثر من عشرين فتاة وتجهيزهن بالسلاح، وهن يخضعن لتدريبات عسكرية متواصلة في بساتين السقي القريبة من طرابلس بتسهيلات من بعض المجموعات المسلحة، وقد تم إرسال اثنتين منهن قبل نحو شهرين للقتال في سوريا الى جانب جبهة النصرة وما زلن هناك حتى الآن».

ووفق المعلومات نفسها، فإن المنتميات لهذا اللواء «بتن في جهوزية عسكرية كاملة للقيام بمهمات أمنية سواء في سوريا أو في لبنان، وبعضهن ينتظرن تأمين انتقالهن الى سوريا عبر بعض الوسطاء العاملين مع جبهة النصرة، بعد أن حصلن على التدريبات العسكرية اللازمة خلال الأشهر الماضية».

وتضيف المعلومات أن القيادات الأمنية الشمالية «باتت على إطلاع كامل على تفاصيل ما يجري ضمن لواء الناصر صلاح الدين، لكنها تتعاطى معه بحذر شديد نظرا لحساسية الموضوع كونه يتعلق بنساء يردن القتال في سوريا، وهي تسعى مع بعض المشايخ والقادة الميدانيين الى معالجة هذا الأمر من دون حصول أية إشكالات أو تداعيات أمنية».

وتشير مصادر أمنية متابعة الى أن ثمة توافقاً على إبقاء معالجة هذا الملف طي الكتمان وصولا الى إقناع من يعنيهن الأمر بضرورة وقف التسلح والعدول عن فكرة القتال في سوريا جملة وتفصيلا.

ويقول أحد كبار المشايخ في طرابلس إن ما يحصل «لا يبشر بالخير، خصوصا أننا بتنا نواجه فكرا جهاديا يستعد لأن ينتشر أفقيا بين بعض الشرائح المجتمعية في لبنان عموما وفي الشمال بشكل خاص، وهذا سيؤدي الى مزيد من فقدان السيطرة على الشارع من قبل السياسيين، وهو مقدمة لاعتبار لبنان أرض جهاد وليس أرض نصرة من قبل التنظيمات الجهادية».

ويضيف: «على الجميع أن يعي بأن التدخل في سوريا لن يقدم أو يؤخر سواء مع النظام أو مع المعارضة»، لافتا النظر الى أن تدخل حزب الله في القتال الى جانب النظام، أعطى ذريعة لانشاء أرضية خصبة لتدخل مقابل لدعم المعارضة وجبهة النصرة بدأ بالشبان ووصل الآن الى النساء، وعلينا معالجة هذا الأمر بحكمة وسرعة قبل فوات الأوان.