بعد أن أصبحت الضربة الأمريكية للنظام السوري قاب قوسين أو أدنى أصبح الاستعداد لتلقي الضربة الخيار الأنسب لتحويل النتائج المُترتبة عن الهجوم الأمريكي الى انتصار على الذات من جهة وعلى العدو من جهة ثانية طالما أن الهجوم محدود وهوسيطال أهدافاً أعتادت "اسرائيل" على جعلها مجالاً لتدريبات طيًاريها لتحسين مهاراتهم الهجومية . من الطبيعي أن ينكفأ النظام ويحتبس أنفاسه قومية ويعتمل بالطريقة التقليدية جرياً على عادته في التعاطي مع الاعتداءات الخارجية امتثالاً لمنطق وموازين القوى الدولية فهو لم يبادر يوماً ومنذ أن أعتادت اسرائيل على ضربه الى الردَ بالمثل على العدوان عندما كان قادراً عليه قبيل الأزمة والحرب الداخلية لأنه يعرف تمام المعرفة قوَة الكيان العبري والتفاف الدول الكُبرى حول أمنه المُقدَس ولأنه يعلم تمام المعرفة أنَ أحداً لن يقف معه اذا ما تجرَأ وردَ على الاستهدافات الاسرائيلية وخاصة من قبل الظهير الروسي الذي يتقن فنَ الاستعراض للقوَة ولا يبذلها خدمة لحلفائه الذين يعتمدون عليه في الشدائد . ان معرفة النظام السوري بالدولة الروسية الدقيقة جعلت منه مطمعاً وصيداً سهلاً لا يقوى على مقاومة الصيَاد وهو طريدة دسمة فكيف حاله وبعد أن أصبح هزيلاً يئن من حرب داخلية ضروس ؟ بعد الروسي يأتي الايراني الذي يعتبر سورية الرئة العربية التي يتنفسَ منها الفارسي الغريب عن منطقة تُجافيه لاعتبارات قومية وتاريخية ومذهبية ولاسباب سياسية متوزَعة على كثير من الملفَات والقضايا والعناوين لهذا هو لا يُغالي في اندفاعاته الحامية للنظام السوري وانما يعبَر عن عمق مصالحه السورية وعن استراتيجيته الواضحة في جعل تأثيره الأوسطي مكاناً ثابتاً لدور ايراني مرتبط بمصالح الأمن القومي الايراني . لهذا من المتوقع أن تحتشد الجمهورية الاسلامية لردع العدوان دفاعاً عن نفسها لأن الهجوم الأمريكي رسالة موجهة للقيادة الايرانية من خلال سورية . اذاً من المنتظر أن تفعل ايران شيئاً لسورية في مواجهة العدوان الأمريكي كما فعلت وتفعل في الدفاع عن نظام الأسد منذ الأزمة وصعود الحرب الداخلية فيها الى مكانة اقليمية ودولية . من الطبيعي أن يكون الردَ من حيث المُستطاع لأنَ ايران لن تدخل حرباً عن بُعد وجُلَ ما تقدر عليه هو المؤازرة من لبنان وبواسطة صواريخ العباس القادرة على الحفر في الأمن الاسرائيلي للضغط على الولايات المُتحدة وجعلها تنكفأ عن غيَها وعن عدوانها . ولكن السؤال المطروح لبنانياً وعى ضؤ الانقسام السياسي والطائفي هل يسطيع حزب الله الدخول في أجواء العدوان على سورية دون بيئة لبنانية حاضنة؟ خاصة وأنَ لنتائج المساهمة والمشاركة الى جانب النظام السوري كلفة باهظة تتطلب توفير شروطها الداخلية . ثمَة من يذهب الى حدَ المغامرة بالمصير طالما أنَ المطلوب استهداف مشروع عربي بعقل فارسي وبما أن بنية هذا المشروع هو نظام الأسد فمن الطبيعي جداً الاستمرار في الدفاع عنه في كلَ الحالات وفي مواجهة أيَ طرف داخلي أو خارجي وبغض النظر عن واقع الحال والظروف الصعبة المُحيطة بأطر المقاومة . وثمَة من يرى في الموقف الايراني الدور الشاهد على العدوان الذي سيمرَعلى سورية كما مرَ غيره وأنَ الجمهورية لن تندفع كثيراً في لعبة لن تغيَر من قواعدها وأنَ المطلوب حفظ ماتبقَى لها من قوَة بعد أن تمَ حرق ورقتيَ سورية وفلسطين وأصبح الحفاظ على الورقة اللبنانية ضرورة مُضاعفة حتى لا تخسر دُفعة واحدة ما بنته وتصبح دولة بلا أذرع وغير قادرة على حماية أمنها ويتوقف نبض مشروعها السياسي والنووي .وبالتالي فان مصير العدوان محتوم وهو سيُدشن مرحلة سورية جديدة على علاقة بموازين الأطراف المُتصارعة اذا ما ضربت أمريكا العصب الرئيس لما تبقى من قوَة سورية والمتمثلة بسلاح الجوَ . ان ايران مُتمكنة من قيادة مرحلة سورية طويلة لأنَ الحرب السورية تُسهل عليها التحكم بنسبة مقبولة من النتائج الجيدة التي تُمكَنها من لحس الاصبع بدلاً من اخراجها من " المُولد بلا حمص " . بين الرأيين المذكوين ثمَة أخرى تستدعينا الى الانتظار على نار أمريكية حامية لا نعرف ماذا ستحرق من يباس سوري وغير سوري .