من يملك القدرة على فهم ما يدور في راس هذا الرجل الاسود القابع في البيت الابيض ، وهل يمكن اختصار المسالة بان ضربة باراك اوباما ضد النظام السوري ، ستتم فقط كي لا يبدو هذا ًالاوباما ً كالابله الذي يقول كلمة ولا يستطيع تنفيذها . غريب امر هذا العالم المرهون بأكمله امام قرار شخص ، غريب امر هذا العالم الذي يعيش منذ قرابة الاسبوع حابسا أنفاسه ولا يحسن النوم ، بانتظار ما سينطق به سيد الادارة الاميركية الحالية الذي نخاله وهو يقيس رواق البيت الابيض ذهابا وإيابا ، وهو يقول لنفسه : اضرب او لا اضرب .. مسخرة ما بعدها مسخرة ..
يريدنا سيادة الرئيس الاميركي الذي قذف الكرة الى ملعب الكونغرس ، ان نصدق انه يريد الاستحصال على الأذن من الاخير ، كي يعاقب الرئيس بشار الاسد على جرم استخدام السلاح الكيماوي في غوطتي ريف دمشق ، هذا الجرم الذي أضحى كالأحجية التي تتراقص بازدراء فوق جثث اللفائف البيضاء لأطفال ونساء الغوطتين .. يريد مسح ذاكرتنا وشطب عقولنا التي تعرف حق المعرفة ان النهج الاميركي المتبع منذ العام ١٩٧٣ ، يعطي اي رئيس أميركي الحق بالقيام بأعمال قتالية دون التوجه الى الكونغرس .. عرف أميركي متبع منذ أربعين عاما ، لماذا يزيح عنه اوباما الان ؟؟ بكل بساطة .. الجواب بكلمتين .. فتش عن اسرائيل !!  
من السذاجة الاعتقاد ان انصياع الحليف البريطاني ديفيد كاميرون ، امام اعتراض مجلس العموم على ضربة سوريا ، هو ما جعل اوباما يتردد في المضي بها .. او كذلك ما ستقرره نقاشات قمة العشرين في الخامس من أيلول في روسيا ، او ما سترتايه الجمعية الوطنية الفرنسية الأربعاء ، فالرجل منذ بدايات الأزمة السورية وهو مجبول بالتردد !! بيت القصيد في مكان اخر .. هنا في المنطقة ، وتحديدا فيما يتعلق بإسرائيل وامنها وحمايتها ، وكل نملة تدب في كيانها ، فالكلام السوري ومن خلفه الإيراني ، كان واضحا من ان اي عدوان على سوريا سيشعل
الشرق الاوسط برمته ، وقبل ساعات معدودة جدده المسؤول الإيراني علاء الدين بروجردي من العاصمة السورية . 
ولا يخدعننا احد ان أحجية اكتشاف من ضرب السلاح الكيماوي على الغوطتين - النظام ام المعارضة - لم يقدر على حلها مفتشو الامم المتحدة ، وان كان المعلن ان العينات ستذهب الى المختبرات للخروج بالنتائج النهائية ، فكيف يمكن للمعارضة ان تطلق الكيماوي وهي باعتراف الجميع لا تملك الصواريخ والطائرات القادرة على اطلاق هذا النوع من السلاح . وسواء كان الكيماوي غاز السارين او الخردل او الأعصاب ، فلن ينطلي علينا كشعوب عربية حزن اميركا واساها على الضحايا العزل في غوطتي ريف دمشق ، وليس من الصعب علينا أيضاً التذكر ، ان خمسة آلاف كردي عراقي ضربهم صدام حسين بالكيماوي في العام ١٩٨٨، ولم يرف للادارة الاميركية آنذاك اي جفن ، لا بل افتضحت اسباب تدخلها فيما بعد لاسقاطه ، انها بعيدة تماماً عن ذلك . 
في المعلن ، قد تكون صواريخ  ًتوماهوكً الاميركية  ًواغزوست ًالفرنسية تنتظر التاسع من أيلول حتى يقول الكونغرس الاميركي كلمته ، وفي المضمر ، ليس هناك من شك ان معادلة : كل صاروخ يسقط في دمشق سيقابله صاروخ في تل أبيب ، هي التي يحسب لها الف حساب .