أنا لا أعرف من أين , وكيف , ولماذا يولد الشهيد, ويستشهد ..؟ أمن رحم الرغبة, أم من عتمة الرهبة , من الفقر, والجوع, والحرمان, والعوز , وفي سبيل الطبقة العاملة ,على ذمَة كارل ماركس, أمَ من العقيدة والدين , وفي سبيل الله , على ذمَة فقهاء المسلمين , أم من دوافع وطنية يفرضها الاحتلال نفسه , والظلم عينُه , وفي سبيل الحريَة , والعدالة , والديمقراطية , على ذمَة فقهاء الاجتماع السياسي , أم من اللغة, والعرق, والتاريخ , وفي سبيل الأمَة , على ذمَة فقهاء القومية . في التجربة التاريخية , ثمَة ما يؤكد صحة الادَعاء للدينيَين , والاجتماعيَين , والقوميَين , والطبقيَين ..فالثورة الفرنسية أكَدت بعدها الاجتماعي , وادَعت البلشفية أنَها المجال الاشتراكي لارساء دكتاتورية البروليتاريا , وكرَست الثورة الايرانية بعدها الديني , ولا امكانية هنا للحصر , فالمشهد التاريخي مفتوح ,وغير مقفل على أنموذج دون آخر , وهو يظهَر هذه الصور المشرقة في التاريخ الانساني , ولكنه لا يختزل المشهد بهم , فثمَة اتجاهات دينيَة ترأسها السيَد المسيح "ع" وقادها , من منطلقات سلمية , وأخرى وضعية راكمت تجارب بعيدة عن أساليب السيوف , وعن الأدوات التي تستخدمها عادة الثورات, والمقاومات, و تبرز " الغاندية" كمثال سلموي تمكَن من فتح باب كبير, وواسع, لخروج المحتل البريطاني , وتحت وطأة أسلحة السلام .وفي المثال أيضاً , تبرز صور كلَ من المقاومة الجزائرية من "بن باديس," الى" بن بلا" , والمثقلة باتجاهات وطنية , واسلامية , وليبرالية , وشيوعية , والمقاومة الصينية , حيث تحالف الشيوعي " ماو " مع الوطنيين لحظة دخول المحتل الياباني , وكذلك حال المقاومة الفلسطينية , واللبنانية في مراحلها الأولى , والدَالة على التنوع ,والتعدَد, لا على الحصرالسياسي , أو الجهوي , أو الفئوي .. لقد ضمَت التجربة التاريخية الانسانية وعياً ثورياً, ونضالياً , أسَس لمستقبل سياسي أثرا في كثير من الحالات البيئات التي تحرَرت لتبني دولها المستقلة على مشروعية التنوع , والتعدد , لا على منطق الحزب الواحد , والقائد الواحد , كما هو حال نتائج المقاومات, والثورات العربية, والاسلامية التي حملتنا أوزاراً أصعب بكثير من وزر الاحتلالات نفسها , أيَ أن الاحتلال باشكاله وهويَاته كافة كان برداَ وسلاماً أمام جحيم الثورات, والمقاومات العربية والاسلامية , ويكفيَ للدلالة تذكُر الأنظمة المستبدَة ,وفي طليعتها الفاتح الليبي معمر القذافي , والبعثي صدَام حسين , ولائحة الأسماء, لا تستثني أحداَ .