قال «مجلس الملل» كلمته ومشى. بالتأكيد، لم يكن أحد ليتصوّر أن «جبهة نصرة» الانتخابات، التي فتحها ميشال عون منذ لحظة تخييره بين التمديد أو الفراغ أو الستين، ستنهار عند «بوابة الحدث». في المكان الذي كان يفترض أن يُختم فيه «حلم التمديد» بالشمع الأحمر.
نام العونيون على وسادتهم مرتاحين. طعنٌ مبكّل بيد المجلس الدستوري لا يمكن أن تتسلّل اليه أصابع التخريب. لكن امس، وصلتهم الرسالة أوضح. ظهر حرص كبير على «تشريبهم» إياها بالملعقة. لا انتخابات قبل 17 شهرا.
طبعا لم تقشعرّ الأبدان امس في الرابية حين وصلت أصداء ما قيل في عين التينة بأن تغيّب أعضاء المجلس الدستوري الثلاثة عن الجلسة هو «لدرء الفتنة والتزاما بالقانون والدستور».
كلام كهذا لا يجد أي مشروعية لدى المتمسّكين بأظافرهم بانتخابات يرفضون تجاوز تاريخ استحقاقها، وان تحت مظلة قانون «أبْلسوه» منذ لحظة إقفال صناديق اقتراع 2009. بالتأكيد، كان لميشال عون ما يقوله، لو حصلت الانتخابات، في الصناديق المسيحية، حتى في المناطق المصنّفة مستحيلة عليه وعلى «تياره».
باتت الصورة واضحة. تطيير نصاب المجلس الدستوري بكبسة زر شيعية درزية حتى 20 حزيران، سيحيل التمديد لمجلس النواب سنة وخمسة أشهر أمرا واقعا. 
بأعصاب باردة يقول الوزير جبران باسيل لـ«السفير» إننا سبق وتداولنا مع حلفائنا في مسألة إجراء الانتخابات، «وكل واحد منا أخذ خياره عن وعي ومسؤولية. نشكرهم على وقوفهم معنا في قانون «اللقاء الأرثوذكسي». لكن نحن لم نستطع أن نقنعهم بعدم التمديد، ولا هم تمكنوا من أن «يمشّونا» بالتمديد». 
يضيف باسيل «ليس بالإمكان القبول بحَرَمين: الأول، هو التمديد، والثاني إجراء الانتخابات على أساس الستين. لقد قبلنا بحَرم واحد على أساس إجراء الانتخابات وفق الستين حتى لا نصل الى التمديد أو الفراغ». 
ومن هذا المنطلق، يعتبر باسيل «أن مهمّة المجلس الدستوري ليس أن «يشتغل سياسة» ويقوم بحياكة قرار يؤدي الى تمديد محدود لإجراء انتخابات لاحقا على أساس الستين وتشكيل حكومة انتخابات»، مشيرا الى ان «الضغط السياسي الذي مورس على المجلس الدستوري كان للوصول الى مسار سياسي محدّد هو تمديد، فحكومة انتخابات، فانتخابات على أساس الستين. وهذا مرفوض من قبلنا». 
لا تداعيات كارثية على محور الرابية - الضاحية - عين التينة جراء سير «الثنائي الشيعي» في التمديد اولا، ثم في رفع المتاريس أمام من يحاول إعاقته من بوابة «الدستوري». بهذا المعنى لا خوف عند عون والحزب على مناعة «ورقة التفاهم» أمام هذا النوع من الزلازل السياسية. المعلومات تشير الى انه في اليوم التالي لسقوط القصير اتصل العماد عون بقيادة «حزب الله» مهنّئا إياها بـ«النصر».
لكن هذا لم يمنع الرابية من تحميل «حزب الله» المسؤولية عن دخول نفق التمديد السياسي. يقول باسيل «الخلاف مع «حزب الله» حول التمديد ليس سرّا. ونحن نعتقد أن التهاءه عن الهمّ الداخلي يجعله يقع في خيارات داخلية خاطئة»، مشدّدا على «ان خيار التمديد خاطئ بحق «حزب الله» والبلد».
مع الرئيس نبيه بري، يؤكد باسيل، «نحن لسنا مختلفين معه على المدى البعيد. لكن حين ندخل في التفاصيل، اذا كانوا يعتقدون أنهم يهربون من مطبّات، فسيكتشفون لاحقا انهم وقعوا في مطبّات أكبر بكثير». ويوضح «الرئيس بري يقول ان لوائحهم فائزة منذ الآن. حسنا، المعركة اذاً عندنا، ونحن بكامل الاستعداد لها». 
ويضيف «اذا الرئيس بري يقول ان الانتخابات على أساس الستين نتيجتها مثل التمديد. فلتحصل الانتخابات، ونكون بذلك قد تجنّبنا الوقوع في خطيئة دستورية كبرى»، لافتا النظر الى «اننا نقبل بإجراء انتخابات مبكرة بعد 17 شهرا على أساس قانون جديد، ونكون من خلال ذلك قد أعطينا حق الكلام والرأي للناخبين أصحاب الوكالة الأساسية وليس للموكّلين». 
المعركة لم تنته، برأي باسيل. التمديد الطويل الأمد الذي قد يصبح أمرا واقعا سيستسلم له الجميع، أو أي قرار قد يصدر عن المجلس الدستوري يبرّر حصول تمديد محدود، لن يكون في قاموس وزير الطاقة سوى «انطلاقة جديدة سنفتح من خلالها مجددا معركة إقرار قانون انتخابي يؤمّن المناصفة الحقيقية، بدءا من «الارثوذكسي» ومرورا بصيغ اخرى قد نرى انها تؤمّن هذا الهدف». 
أما وقد سقط «الهيكل الدستوري» فوق رؤوس حارسيه، وبات مجرد متفرّج على تمديد غير مبرّر قانونا، يؤكد باسيل «ان أي تمديد، من منظارنا، يجب أن يعني إقرار قانون جديد للانتخابات، وحكومة وحدة وطنية سياسية تمثل كل مكوّنات المجلس النيابي بأحجامه الحالية. هل هذا يعني التمسّك بالثلث المعطّل»؟ يجيب باسيل «أكثر من الثلث المعطّل». 
مسيحيا يعيد باسيل تأكيد المعادلة الذهبية. «في قانون الانتخاب أقنعنا «حزب الله» و«أمل» بالموافقة على «القانون الارثوذكسي» الذي يؤمّن لنا 64 نائباً مسيحياً. أما أخصامنا المسيحيون ففشلوا في إقناع حلفائهم بذلك. بالمقابل، حلفاؤنا لم يستطيعوا جرّنا الى التمديد، لكن حلفاءهم جرّوهم الى التمديد!». 
لا يندم باسيل على اللقاءات الأربعة التي جمعته برئيس «حزب القوات» سمير جعجع. يقول «بالعكس تماما. هذه اللقاءات جعلتني أعي أمورا عدة أهمّها ما اعترفت به «القوات» أصلا، وهو اننا لم نقبل لحظة بالتنازل عن المناصفة، فيما سلّم جعجع بالتنازل ليس عن عشرة نواب فقط، بل عن عشرين نائبا». 
يتحدث باسيل بإيجابية عن الجلستين اللتين عقدهما مع السفير السعودي علي عواض عسيري قائلا «هناك همّ مشترك بيننا وبين السعوديين هو الاستقرار، والبحث يتمحور دائما حول كيف بإمكان كل واحد منا من موقعه المختلف مع الآخر ان يساهم بإرساء الاستقرار بجهد مشترك».