يتبدّى المسلسل الرئاسي الذي بات مؤكّداً أن لا نهاية منظورة له، والنافر فيه، انّ هروب المكونات السياسية والنيابية من التوافق على رئيس جديد للجمهورية، وفشلها في العبور بالاستحقاق الرئاسي إلى برّ الأمان السياسي الذي يجنّب لبنان السقوط في محظور الفراغ في سدّة الرئاسة الاولى، تتمّ تغطيته ببهلوانيّات سياسيّة تُمارس على حلبة الجلسات الانتخابية، تعمّق الشرخ القائم. وبتحدّيات فارغة ترفض سلوك سبيل التوافق، وعنتريات استعراضية تزرع الأوهام والأحلام الرئاسية لدى هذا وذاك من المرشحين، دون ان يملك اصحابها ولو الحدّ الأدنى من إمكانية إيصالهم الى عرش الرئاسة.


 

اللافت في هذا السياق، ما يقوله مسؤول كبير لـ"الجمهورية": "المشكلة الأساس التي يعاني منها هذا البلد تتجلّى في بعض النفوس الحاقدة على البلد، وترغب في ان تراه مشتتاً، على ما هو الحال في الملف الحكومي، وإصرار البعض على الذهاب إلى فراغ حكومي وإيقاع البلد في مشكلة وسجالات، وكذلك الحال في الملف الرئاسي وإمعان البعض في تغليب لغة التحدّي ومحاولة ورفض السير في التوافق على رئيس جديد، وهو أمر لا مفرّ منه في نهاية المطاف".


 

ويضيف: "أصحاب هذه العقليات تريد إسقاط البلد في مشكلة معقّدة، ظناً منهم انّ هذه المشكلة قد تخلق ظروفاً خارجية تغلّبهم على الآخرين، وهذا بالتأكيد وهم، فالمحظور إن وقع، سيدفع ثمنه البلد، وبالتأكيد سيكون الجميع خاسرين. ومن يدفع البلد إلى هذه المشكلة قد يكونون أكثر الخاسرين. ولذلك ودرءاً للخطر القادم، ما نؤكّد عليه هو انّ سلوك التوافق ممكن الآن، ولنذهب اليه قبل فوات الأوان".

 

ويلفت المسؤول عينه إلى أنّ "رئيس المجلس النيابي نبيه بري دعا إلى جلسة انتخاب الخميس المقبل، ومصيرها محسوم سلفاً بالفشل، وسيليها تحديد بري لجلسة جديدة. وفي ظلّ الجو السياسي المريض، لو بقينا على هذا المنوال مئة سنة، فلن نتمكن من انتخاب رئيس. فما نشهده هو اننا امام صدامات مفتوحة، ورغبات لهذا الطرف او ذاك بإيصال اشخاص معينين إلى رئاسة الجمهورية، ولكن هذه الرغبات تصطدم بعدم توفر الإمكانيات والقدرة على إيصال هؤلاء. هذا هو الصراع القائم بين الرغبات الموجودة والإمكانيات المعدومة، وتبعاً لذلك فلا مفرّ عاجلاً او آجلاً، من حوار رئاسي مسؤول بين المكونات الداخلية للتوافق في ما بينها، فدون هذا الحوار لا مجال على الاطلاق للعثور على مفتاح الاستحقاق الرئاسي".