حطت تداعيات جريمة تفجير المرفأ، بكامل ثقلها وكأنها جريمة حطت من السماء، على الارض ومن العبث البحث عن اسبابها ومفجريها ومن يقف وراءهم ولمصلحة من ، ولن ندخل في التفاصيل، على وقع ما ال اليه الصراع النيابي  القضائي من التباسات، لم تنعقد جلسة مجلس الوزراء الاربعاء الماضي وارجئت الى موعد لم يحدد،وسادت الشارع مواقف لا تنبيء بالخير حيث تتسع دائرة الأزمات التي تعصف بهذا البلد المثقل بالاعباء المتعددة العناوين والمضامين وقد اخذ ملف التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت بعدا تصعيديا طغى على سائر الازمات المستفحلة والضاغطة. 

 


لقد كانت الحكومة معلّقة على حبل البحث عن صيغة قانونية توافقية تترك باباً للمراجعة في أداء المحقق العدلي بعدما أقفلت أبواب القضاة بوجه المعترضين على سلوك القاضي طارق البيطار المتهم من جانب هؤلاء بتسييس التحقيقات والتصويب على فريق معيّن، ويقال بأن الاتصالات أسفرت عن تفاهم على صيغة مقبولة من مختلف الأطراف الحكومية وكان ينتظر أن يدعو رئيس الحكومة إلى جلسة قريبة لبتّ تلك الصيغة وتجاوز المطب الأول، واذ بأحداث الشارع ترفع المتاريس الطائفية والعسكرية من جديد أمام الحكومة التي باتت في مواجهة أزمة أكثر تعقيداً، وهي الأحداث الأمنية خصوصاً وأنّ المؤشرات تدلّ على أنّ صفحة معالجتها قد لا تطوى بسهولة بفعل تبادل الأطراف المعنية الاتهامات وتقاذفها، ما قد يصعّب المهمة على السلطات المعنية، ويزيد من حدّة الأزمة وخطورتها ، والبلد على ابواب استحقاقات داهمة و ضاغطة، من ابرزها الانتخابات النيابية التي لم يحسم بعد موعد اجرائها ووفق اية صيغة من صيغ التعديلات المقترحة .

 


وما كان اللبنانيون يحاذرونه وقع امس في منطقة الطيونة حيث حصلت  مواجهات أدت الى قتل وجرح عدد من المواطنين  كما اوقعت اضرار مادية ذكرت بشبح الحرب الاهلية، وقد كانت  كافية ووافية وذات دلالة  وقد طفح كيل اللبنانيين الذين ما كان ينقصهم سوى محاولات البعض احياء العصبيات القاتلة، الطائفية والمذهبية ، والبلد على ابواب الانتخابات، التي يستغلها البعض، غير ابهين بآلام اللبنانيين واوجاعهم المتلاحقة.

 


الانتخابات التي حصلت في العراق اواخر الاسبوع الماضي شكلت نقلة نوعية  ونموذجا يحتذى به، حيث اكدت النتائج خلاصات ما كان يمكن تصورها، ولا يمكن العبور من فوقها مرور الكرام، وقد قال العراقيون كلمتهم في وجه الاحتلال الايراني وحلفائه وسائر التدخلات الخارجية، ومع الاسف ان العطب الذي اصاب الحياة السياسية  الوطنية في لبنان، وحوله بؤر طائفية ومذهبية وضع البلد على كف عفريت اخر زمان وهدد بإختطاف بل بإزالة القرار الوطني الجامع و المانع والمحصن، رغم الغضب الشعبي العارم بسبب تردي الاوضاع المالية و الاقتصادية والمعيشية، ووصولها الى الهاوية .

 


انه درس لعموم اللبنانيين، وهم على قناعة بأن ما يحصل على ارض الواقع، ليس سوى شكل من الاشكال التي تمهد للاستحقاق النيابي، عبر تعزيز واستنفار الولاءات والعصبيات الطائفية والمذهبية  وهي وقاحة لا مثيل لها ، على ما قال مرجع نيابي سابق، حيث اظهر قانون الانتخابات الساري المفعول قبح نتائجه  وقد عاد كثيرون بالذاكرة الى الوراء .

 


قبيل اجراء الانتخابات الاخيرة، كانت حجة المتمسكين بالقانون الحالي، ان اي بحث في قانون انتخابي جديد او اصلاح القانون الحالي ، قد يؤدي الى تأجيل الانتخابات وقد مرت سنوات ولم يتحرك المعنيون لتحقيق اي وعد من الوعود  رغم ان الجميع يقرون بأن القانون الحالي اعطى الاولوية للطوائف و المذاهب ولا تفريط بها

 

الانظار تتجه الى الاتي من الايام، ولم تنته مفاعيل جريمة المرفأ، وقد بدأت مسيرة جديدة من الازمات المفتوحة على كل الاحتمالات البالغة التعقيد والخطورة، على حاضر لبنان ومستقبله، تحت شعارات ملتبسة ظاهرها غير مضمونها، والناس غير واثقين باولياء امورهم المفبركين وقد تم في عهدهم تجاهل كل الاصلاحات المطلوبة والضرورية والممكنة ، وايقاف الفساد والمفسدين وهدر المال العام، اللبنانيون امام فرصة العمر لإنقاذ اوضاعهم وانقاذ البلد ، الذي لا وطن سواه  والمطلوب مشاركة شعبية  وطنية حقيقية في العمل السياسي مع ضرورة التحرر من عبء الاحزاب الطائفية والمذهبية  والزبائنية  فالمواطنة هي الجامعة والمانعة والضامنة لتحرير اللبنانيين من التبعيات التي لم تأت على هذا البلد بغير الويل والثبور وعظائم الامور .