أيّ مقاربةٍ للانهيار المالي والاقتصادي غير المسبوق لن تكون كافيةً وناجعةً إنْ لم تتناول القطاع العام. والحقيقة التي لا نريد أن نراها أو نسمع بها هي أنّ أسباب الانهيار ثلاثة:

 

١-فساد الطبقة السياسية بجميع تلاوينها: هذه الطبقة التي تناتشت خيرات الدولة واعتبرتها مغانمَ لها. فكلّ مَنْ تعاطى الشأن العام في العقود الثلاثة الأخيرة كان يستفيد من الفساد وكان يساهم بشكلٍ أو بآخر في الانهيار الذي نحن فيه.

 

٢-القطاع العام. وهو يعاني من مشكلاتٍ عديدة:


٢-أ: عديد القطاع العام الذي يصل إلى حوالي نصف مليون إذا احتسبنا المتقاعدين. وهذا رقمٌ كبيرٌ جدًّا على بلدٍ مثل لبنان.

 

٢-ب: الجنّات الوظيفيّة داخل القطاع العام. فهناك فئاتٌ تتقاضى رواتب خياليّةً وأخرى تتقاضى رواتب متواضعة. هذا التفاوت الهائل في الرواتب جعل الكثيرين يحاولون الحفاظ على مكاسبهم حتى انهارت هذه المكاسب بالكامل. 
(عددٌ هائل + رواتب وتعويضاتٍ خياليّة= عجزٌ كبيرٌ للدولة أوقعها في قاع الجحيم).

 

 

٢-ج: المحسوبيات في التعيينات والترفيعات والترقيات والمناقلات: هذا الأمر أضعف انتماء الموظف إلى إدارته ودولته وجعله تابعًا للزعيم الذي عيّنه أو ساهم بتعبينه.

 


بناءً عليه، كانت سلسلة الرتب والرواتب خطأً اقتصاديًّا فادحًا (بالمناسبة أنا منذ البداية كنت ضد السلسلة مع أنّي استفدت منها؛ لأنها كانت غير مبرّرةٍ اقتصاديًّا. كما كانت عبئًا كبيرًا على المالية العامة. وتمّت من دون إصلاح القطاع العام. وأول إصلاحٍ له هو إلغاء الجنّات الوظيفيّة).

 

 

٣-فساد القطاع الخاص وحتى غالبية الشعب اللبناني: وأكبر مثالٍ على فساد القطاع الخاص الذي يفوق فساد القطاع العام بدرجاتٍ هو فساد القطاع المصرفي برمته، الذي أضاع أموال النّاس. 

 

 

ولا ننْسَ أنّ نمط حياة اللبناني بجميع قطاعاته كان نمط حياةٍ فاسدًا. إذًا، لقد كنّا نعيش في الفساد وبالفساد ومع الفساد.


وأوّل خطوات إعادة النهوض أن نعالج هذه النقاط الثلاث التي ذكرناها أعلاه.