أعتقدُ أنَّه آن الأوان لنفكِّر الحدث الكربلائي ونقرأه بطريقةٍ مختلفةٍ تُقدِّمُ الحسين، بطريقةٍ تليقُ به، إلى البشريَّةِ جمعاء. فليس بقراءة العزاءِ فقط نُحيي مناسبةَ عاشوراء. ولعلَّ المفكِّر أو الفيلسوف أو الأديب أو المسرحيّ أو الفنّان بأقدرَ على إحياء المناسبةِ من قارىءِ العزاء.
 


لو تفكّرنا قليلًا، لتبيّن لنا أنَّ ما قام به الحسين(ع) يُنبىءُ عن قيمٍ إنسانيَّةٍ عامَّةٍ، وإن بقي عملًا نُخبويًّا بامتياز.

 


   في كلِّ الأحوال، من جهتي، لا أنتظر أيَّامَ عاشوراء لكي أجَسِّدُ قيمَ الحسين. ففي كلِّ منشورٍ أنشره، وفي كلِّ كلمةٍ أكتُبُها، وفي كلِّ موقفٍ أتَّخذه، فإنِّي بذلك أُجسِّدُ، بحسب وجهة نظري، قيمةً من قيم الحسين التي هي قيم الإسلام وقيم البشريَّة جمعاء. فمحاربة الفساد وقول الحق والوقوف في وجه الظَّالم والقيام بالإصلاح ومعاملة النَّاس بالحسنى..الخ، هي قيمٌ لا تنتظر مناسبةَ عاشوراء كلَّ سنةٍ لتتحقّق أو يُعمَل على تحقيقها. وعندما نصل إلى هذا المستوى من التَّمرين اليوميِّ على تطبيق القيم والأهداف الحسينيَّة، يكون إحياءُ المناسبةِ قد أخذ طابَعًا مختلِفًا تمامًا.

 


   آمل أن نصل إلى يومٍ نبدأ فيه بالتَّفكُّرِ في طُرُقٍ أخرى للإحياء، تكون عامَّةً وللجميع، أي للسُّنَّةِ قبل الشِّيعة، ولغير المسلمين قبل أن تكون للمسلمين، فالحسين هو للجميع. ومن الظُّلمِ أن نحشره في زواريب المذهبيَّة الضَّيِّقة.

 


   كلّ يومٍ عاشوراء وكلّ أرضٍ كربلاء، ليس بمعنى أنّ الحزن والمأساة يلفّان الكرة الأرضيّة. فالمأساة حصلت ولن تتكرَّر إلّا إذا لزم الأمر من لدن نُخبةٍ قليلةٍ، لكن بمعنى أنَّ كلَّ يومٍ هو فرصةٌ لتطبيق القيم الحسينيَّة، وأنَّ كلَّ أرضٍ بها حاجةٌ إلى قبسٍ من أنوارِ الحسين لا سيَّما بعد سيطرة الرَّأسماليَّة المتوحِّشةِ على المعمورة بأكملِها.

 


   أعتقدُ أنَّه آن الأوان لنفكِّر الحدث الكربلائي ونقرأه بطريقةٍ مختلفةٍ تُقدِّمُ الحسين، بطريقةٍ تليقُ به، إلى البشريَّةِ جمعاء. فليس بقراءة العزاءِ فقط نُحيي مناسبةَ عاشوراء. ولعلَّ المفكِّر أو الفيلسوف أو الأديب أو المسرحيّ أو الفنّان بأقدرَ على إحياء المناسبةِ من قارىءِ العزاء.