بعد أن استظهر صحّة رواية أنّ السيّدة فاطمة بنت محمّد قد توفّيت في اليوم الثّالث من جمادي الآخرة، نصّ المرحوم حسن الصّدر المتوفّى سنة: "1354هـ" على ما لفظه: «حدّثني ثقة الإسلام المولى حسين بن العلّامة التّقي النّوري: أنّ بعض علماء الحديث الأعاظم عزم على كتابة كتاب يعيّن فيه يوم الوفاة والقبر الشّريف  ويرفع فيه هذه الاختلافات في ذلك، ببيانات وافية ودلائل شافية، فرأى  أمير المؤمنين في المنام، كأنّه "ع" ورد عليه وهو جالس بين كتبه وبيده كرّاسة يكتب فيها شيئاً من ذلك، فقال له أمير المؤمنين: ماذا تصنع؟ قال: فقلت له بأبي أنت وأمّي أريد أن أكتب ما يرفع الاختلاف في تاريخ وفاة الصّديقة، ومكان قبرها الشّريف. فقال لي: لا تفعل ذلك؛ ابقه على إجماله مصلحة. فانتبهت من النّوم، وتركت ما عزمت عليه. انتهى ما حدّثني به المحدّث النّوري "قدّه"». [بعض كتبه المخطوطة عندنا].

 

 

ورغم عدم تشكيكي بأصل نقولات المرحومين حسن الصّدر والمحدّث النّوري وطهارة بواطنهم، لكنّي اعتقد أنّ التّصديق بمثل هذه الأحلام النّاتجة من وساوس وهلوسات مذهبيّة لا معنى له في سوق العلم، وهي تُسهم في تكريس الخرافات والأساطير وإبقاء الجهل معشعشاً في داخل الأمّة، بل وكانت ولا زالت خير دكّان ينتفع من خلاله الملالي والوعّاظ لتكثير نفوذهم ومجالسهم وعطاياهم من خلال فاطميّات ثلاث، وتحويل عموم أيّام السنة إلى تعاسة وحزن دائم تحت كذبة يحزنون لحزننا، والمنتفع جيوبهم ومكانتهم لا غير.

 

 

أمّا الوعّاظ والملالي وبمختلف طبقاتهم فسوف يفرحون كثيراً حينما يقرأون هذه السّطور؛ ليس لأنّهم سيعترفون بإسهامهم في تزييف وعي الأمّة وسيبادرون للتّصحيح، بل سيقولون: كنّا نذكر هذه الحكاية مرسلة ولا نعرف مصدرها، وها أنت ذكرتها مسندة، ولله في خلقه شؤون وشؤون.