تحت عنوان "الضمان" بلا مجلس إدارة وفضائح مذهلة تلاحق أعضائه" كتبت عزة الحاج حسن في موقع "المدن الالكتروني"، وجاء في المقال ما يلي:
 
 
يستحكم الفراغ في مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، المؤسسة الاجتماعية الأكبر في لبنان. فلا يقتصر الخلل على انتهاء ولاية المجلس منذ قرابة 20 عاماً، بل أيضاً على تقاعس عدد من الأعضاء عن ممارسة مهامهم، وكذلك على تجاهل وزارة العمل لذاك التقاعس، واستقالتها من ممارسة مهامها، وغيابها كسلطة وصاية عن الدور القانوني المناط بها، لناحية الاقتراح على مجلس الوزراء أسماء مندوبي الدولة إلى مجلس الإدارة، ولناحية الدعوة إلى إجراء انتخابات مندوبي الهيئات الأكثر تمثيلاً، من أصحاب العمل والمهن الحرة والأجراء إلى مجلس إدارة الصندوق.

 

وفي حين يستقر رئيس مجلس إدارة الضمان خارج لبنان منذ أكثر من عام، يدير أحد الأعضاء أعماله بين الكويت والسعودية منذ 8 أشهر، وعضو آخر لا تسعفه صحته على المشاركة في اجتماعات مجلس الإدارة، فينتدب زوجته بدلاً منه، وفق ما تؤكد مصادر "المدن". وجميع هؤلاء يتقاضون بدلات مادية عن اجتماعاتهم الدورية "غير القانونية"، والتي وإن حصلت عن بُعد، فلا طائل منها ولا نفع.

 

الخلل الذي يشوب عمل مجلس الإدارة، استلزم من المدير العام للضمان توجيه كتاب إلى اللجنة الفنية، لأخذ الرأي حول موضوع قانونية مشاركة رئيس وبعض أعضاء مجلس الإدارة في جلسات المجلس. وبعد عرضها الحيثيات القانونية لحالة كلٍ من رئيس المجلس والأعضاء الآخرين، انتهت اللجنة الفنية إلى اعتبار كل من تلك المناصب شاغرة واقعياً. ما يعني أن مجلس إدارة الضمان يُعد اليوم من دون رئيس ومنقوص الأعضاء، وعلى وزارة العمل التحرّك لتعيين البدائل، إن لم يكن لانتخاب مجلس جديد بالكامل.

 

أسئلة مشروعة


يطرح الكتاب المُرسل إلى اللجنة الفنية العديد من الأسئلة، منها كيف يمكن لرئيس مجلس إدارة الضمان الدكتور طوبيا زخيا المتواجد خارج لبنان المشاركة في الاستماع فقط؟ وما هو مدى صوابية الاستماع من دون المشاركة؟ وفي حال المشاركة، هل يترأس جلسات المجلس وهو في حال غياب وانقطاع منذ أكثر من سنة؟

 

وكيف يمكن لعضو مجلس الإدارة الدكتور عادل عليق الاستمرار في المشاركة، وهو خارج لبنان منذ شهر آذار الفائت، من دون تحديد موعد لعودته؟ وهنا تشير المصادر إلى أن علّيق يُعد بحكم المستقر في الكويت، ويدير عمله الخاص بين الكويت والسعودية منذ أشهر.

 

وكيف يمكن لعضو مجلس الإدارة بهجت قانونجي، الذي هو في حالة مرضية لا تسمح له بالمشاركة، أن تساعده زوجته على أداء دوره بالمشاركة أو الحلول مكانه؟ ويؤكد المصدر أن مشاركة قانونجي بالاجتماعات كانت تتم فقط عبر الاستماع، من دون أي مشاركة صوتية. ما يعني أن لا تسجيلات صوتية على الإطلاق له. وفي الجلسة الأخيرة، توجه أحد الحاضرين بالسؤال لقانونجي حول هوية المشارك، وما إذا كان هو شخصياً أو زوجته؟ فلم يلق السؤال أي جواب.

 

فراغ واقعي
وبعد الإطلاع والدرس من قبل اللجنة الفنية للحال المستجد لمجلس إدارة الضمان، رأت أنه للإجابة على تساؤلات الإدارة العامة، يقتضي الإحاطة بالظروف التي تواكب آلية عقد اجتماعات المجلس، ومدى قانونيتها. وبالتالي، مدى صحة مشاركة أعضاء المجلس في الجلسات مع مراعاة قانون الضمان الاجتماعي والنظام الداخلي للضمان. وتطرقت إلى الظروف التي فرضتها جائحة كورونا، واضطرار غالبية الإدارات الرسمية لاعتماد الوسائل الإلكترونية لعقد اجتماعات عبر الإنترنت. لكن هذا الأمر يطرح العديد من التساؤلات حول مدى قانونية عقد هكذا اجتماعات، ومدى قانونية القرارات الناجمة عن هذه الاجتماعات.

 

وأمام هذا الواقع، رأت اللجنة الفنية أنه وإن كان للإدارة الحق بتطوير أساليب عملها، بما يؤمن استمرارية المرفق العام، إلا أن هذه الأساليب تبقى مقيدة بالنصوص القانونية التي ترعى أصول عقدها. وذلك، لإنتاج المفاعيل القانونية للقرارات المتخذة، ولحماية تلك القرارات من أي طعن قانوني قد تتعرض له.

 

ولئن كانت المادة الرابعة من نظام مجلس الإدارة حدّدت حصراً شغور مقعد أحد أفراد هيئة المكتب لأحد الأسباب القانونية، أو بسبب سحب الثقة من قبل المجلس لغيابه عن ممارسة أعماله 4 جلسات عادية متتالية، بما يعني مدة شهر واحد، كون الاجتماعات تتم أسبوعياً، فإن غياب رئيس مجلس الإدارة الذي فاق مدة سنة متواصلة عن البلد، لا يمكن تفسيره سوى أنه انقطاع واقعي كامل عن ممارسة مهام رئيس مجلس الإدارة، سيما وأن نائب الرئيس تولى مهامه خلال المدة المذكورة، مع الإشارة إلى أن مدة ولاية رئيس مجلس الإدارة كمندوب عن الدولة، المحددة بأربع سنوات -بموجب المادة 2 من قانون الضمان- انتهت منذ ما يزيد عن 10 سنوات.

 

أضف إلى أن رئيس مجلس الإدارة هو المخول دون سواه بالدعوة لجلسات هيئة مكتب مجلس الإدارة. وبالتالي، فإنه لا يستقيم قانوناً ونظاماً أن يدعوه نائب الرئيس أو سواه إلى الجلسات. وبالتالي، يعتبر مركز رئيس مجلس الإدارة شاغراً واقعياً منذ أكثر من عام كامل.

 

أما حول تغيب عضوي مجلس الإدارة بداعي السفر، فإن عدداً من أعضاء الإدارة سبق أن انقطع بشكل كلي منذ سنوات عن ممارسة مهام عضوية مجلس الإدارة. والبعض الآخر انقطع منذ أشهر بسبب المرض أو السفر. وفي جميع الحالات فإن الإنقطاع المتواصل أنتج شغوراً واقعياً، يُضاف إلى الشغور المتمثل بانتهاء الولاية القانونية لأعضاء مجلس الإدارة.

 

انتخاب مجلس جديد؟
وهنا يسأل المصدر أين هي وزيرة العمل والدولة من الشغور في مجلس إدارة الضمان، وأين ديوان المحاسبة؟ وكيف يمكن ألا تتم مقاضاة هؤلاء، وهم يتقاضون بدلات مالية بقيمة 200 ألف ليرة عن كل اجتماع، في حين أنهم يتخلّفون علناً عن ممارسة مهامهم، خصوصاً أن قانون الضمان يقضي باعتبار من يتغيب من 3 إلى أربع مرات عن هيئة إدارة المكتب بحكم المستقيل، ويتم تعيين بديل عنه.

 

ونظراً لانتهاء صلاحية مجلس إدارة الضمان منذ العام 2000 وسير عمل الضمان الاجتماعي كذلك من دون لجنة مالية منذ العام 2013، وهي اللجنة المخوّلة إدارة مالية الضمان، وبعد ثبوت فراغ مناصب رئيس مجلس الإدارة وعدد من الأعضاء (وفق الرأي القانوني للجنة الفنية) بات لزاماً على وزارة العمل الدعوة فوراً لانتخاب مجلس إدارة جديد، أو اقله لتعيين بدلاء عن المنقطعين عن العمل وتشكيل لجنة مالية.