أن هذه الحكومة دون نجاحها عقبات كثيرة، لعل أهمها غياب المظلة الخيليجة التي كان من الممكن أن تؤمّن لها الدعم السياسي والمالي. ومن أي نوع سوف تكون حكومة أديب في هذه الأزمة الثقيلة. وهل ستسطيع إخراج لبنان من العزلة العربية والدولية بسبب انحياز جبران باسيل لمحور الممانعة في الوزارة.
 

في مرحلة تعتبر من أخطر المراحل في تاريخ لبنان، تمت تسمية الدكتور مصطفى أديب رئيساً للحكومة وسط اعتراض شعبي على تكليفه لأن الكتل الكبرى إختارته على عجل من دون أخذ رأي الثورة.

 


وكانت التسمية شبيهة  باستنساخ تجربة تكليف حسان دياب إنما بطريقة مختلفة. فبعد ما دعا الحريري الى سحب إسمه من التداول حول تسميته لرئاسة الحكومة، قدم مع رؤساء الحكومة السابقين أسماء للتكليف غير مستفزة للثنائي الشيعي ولرئيس الجمهورية ميشال عون والتيار الوطني الحر، ما يعني أنهم التزموا بشروط تحالف الممانعة وسلكوا طريقاً يشبه ما جرى قبل تشكيل حكومة حسان دياب بعد استقالة الحريري نفسه وبذلك قدموا، وفق سياسي لبناني متابع، تنازلاً جديداً للعهد وحزب الله بالطريق التي كانت تتم فيها التنازلات في السابق حين كان الحريري رئيساً للحكومة في هذا العهد.

 


المعادلة التي بدأت ملامحها تظهر من خلال المفاوضات والاتصالات، تشير الى أن اقتراح الأسماء لا يؤسس لمرحلة جديدة من تشكيل الحكومات. والنقطة البارزة في هذا الموضوع ان لا حكومة مستقلة أو حيادية قيد التأليف، حتى لو حسم اسم سفير لبنان في ألمانيا مصطفى أديب، وهو المقرب من الرئيس نجيب ميقاتي. فقد كان رؤساء الحكومات السابقين، يصرون خلال اجتماعاتهم على عدم المشاركة أو تغطية حكومة إذا استمر العهد في قضم صلاحيات الرئاسة الثالثة، لكنهم عادوا والتزموا القواعد ذاتها وبإملاءات يقال انها دفعتهم إلى خفض سقف مواقفهم، انطلاقاً من أن موازين القوى فرضت واقعاً لا يمكن القفز عنه. فقد كان يمكن للحريري مثلاً بالتنسيق مع رؤساء الحكومات، أن يطرح وفق السياسي إسماً من خارج التركيبة كلها إذا كان يريد أن تسير الأمور نحو حكومة انقاذ تستطيع إخراج البلد من دائرة التجاذبات والاصطفافات، وهو الذي أعلن أنه لن يؤلف حكومة وان الامور لن تكون كما كانت قبل 17 تشرين الأول 2019 وأيضاً قبل 4 آب 2020، لكنه سلك مسار اللعبة السابقة وفق حسابات سياسية تتماهى مع التدخل الدولي خصوصاً الفرنسي الذي يريد تشكيل حكومة في وقت سريع والالتزام بالاصلاحات لتدفق المساعدات إلى لبنان.

 

إقرا أيضا :إلى متى سيبقى المواطن اللبناني رهينة بأيدي الطبقة السياسية

 

 


وهذاالامر يؤكد أن السنية السياسية عادت بعد مخاض إلى اللعبة السابقة، انما بشروط عون وحزب الله، فلا الحريري يعود الى ترؤس الحكومة ولا الشخصية المسماة لديها شروط مختلفة عما جاء به حسان دياب عند تكليفه ،يعني أن رئيس الحكومة المقبل يمثل تقاطعات عدة ويمثل تسوية بين أطراف الحكم بعيداً من اي استقلالية تسمح بإعادة ترتيب الوضع اللبناني ووقف الإنهيار، أو أقله انعكاس هذا الانهيار على اللبنانيين من دون أن تتأثر القوى السياسية والطائفية والتي ستتنفس مجدداً مع الدعم الدولي، وإن كانت المملكة العربية السعودية لم تقل كلمتها في هذا الشأن وهي ليست بوارد تغطية هذا النوع من الحكومات، من دون أن تقف في مواجهتها.


مع تكليف الدكتور مصطفى اديب يبدو وكأننا أمام استنساخ تجربة حسان دياب بتغطية السنية السياسية، 

 


ولهذا، يصير وجه الشبه بين دياب وأديب هو أنّ كليهما قُدّما بمثابة كبش محرقة حيث يخشى الآخرون. الأول فشل في تنفيذ المهمة كون العراقيل كانت من ذوي القربى قبل الخصوم، فيما الأخير يتحضر لخوض الأمتار الأخيرة من سباق الموت. هكذا، فإنّ السيناريو الانتحاري لكامل الطبقة السياسية، قائم اذا ما وضعت العصي في دواليب آخر حكومات الجمهورية الثانية مع الاخذ بعين الاعتبار ما ذكره السيد حسن نصرالله في كلامه في العاشر من محرم ان الشعب اللبناني لا يريد حكومة مستقلة أو حكومة حياديين، وهو منفتح على عقد سياسي جديد. فهل يعني ذلك اننا امام مرحلة جديدة وعنوانها الابرز تجاوز اتفاق الطائف.

 


أكثر من 300 ألف لبناني دمرت منازلهم لا يعنون شيئاً لهم. حجز المصارف على ودائع أكثر من مليون لبناني ليس جزءاً من الاعتبارات التي دفعتهم لتسمية مصطفى أديب، إذ إن ودائعهم بأمان. المهمة الواضحة الوحيدة العمل على مد النظام، بمزيد من الوقت والفرص! أما لبنان المنكوب، واللبنانيون المفجوعون بمدينتهم وبأحباء خسروهم، فهذه الأمور ليست جزءاً من هموم السلطة الجائرة. الكارثة التي يقبع لبنان في قلبها، والتي لم يسبق أن اختبرها منذ نشوء الكيان، قررت السلطة السياسية مجتمعة أن تواجهها برجل لا يعرفه أحد اسمه مصطفى أديب. 


علامة الإستفهام الكبيرة التي تشغل بال اللبنانيين حالياً، ما هي حقيقة الموقف الأميركي من تقدم مبادرة ماكرون، وهل ستستمر واشنطن بدعم الجهود الفرنسية حتى وصولها إلى الأهداف الإنقاذية المرجوة .


وماذا يعني كلام السفيرة الأميركية في بيروت دورثي شيا قبل أيام بأن الإقتراحات الفرنسية تخص الفرنسيين وحدهم . لعل زيارة الدبلوماسي الأميركي شنكر غداً تحمل الأجوبة الشافية لهذه التساؤلات القلقة . 


إن هذه السلطة الفاقدة للشرعية والمسؤولة عن جريمة 4 آب وعن انهيار الاقتصاد وعن الاعتداء على الحرّيات لا تؤتَمَن على البلد. 

 


أن هذه الحكومة دون نجاحها عقبات كثيرة، لعل أهمها غياب المظلة الخيليجة التي كان من الممكن أن تؤمّن لها الدعم السياسي والمالي. ومن أي نوع سوف تكون حكومة أديب في هذه الأزمة الثقيلة. وهل ستسطيع إخراج لبنان من العزلة العربية والدولية بسبب انحياز جبران باسيل لمحور الممانعة في الوزارة.