فكرة المهدي بين السائد العام لدى المسلمين والأساطير الإثنا عشرية
 

حذارِ أن يسخّف وعيك الوعّاظ والمتنسّكون والمنتفعون والمستأكلون والسُذّج والبسطاء فيوحّدوا لك بين المهدويّة بعنوانها العام والمهدويّة بلباسها الإثني عشريّ المعروف؛ ويقولوا لك: إنّ الإيمان بالمهديّ فكرة عالميّة تضرب في أعماق التّاريخ، وهي ليست من مختصّات المذهب الإثني عشريّ أصلاً، ويقرأوا عليك نصوصاً من هنا وهناك في سبيل دحض استغرابك، وتأليبك ضدّ من يطرح أسئلة مُقلقة على هذه العقيدة بصيغتها الإثني عشريّة وتجليّاتها.

 

 

وذلك: لأنّنا لو غضضنا الطّرف عن الفرق الجوهريّ العميق والّذي يصل إلى حدّ التّقاطع بين نصوص الاثنين، فإنّ الفرق العمليّ بينهما قاطع للشّركة؛ فالأولى: مقولة عامّة لا تأثير لها على إيمانك وأصل إسلامك لا من قريب ولا من بعيد حتّى وإن وصلت إلى قناعة بحثيّة مبرهنة تقرّر عدم دينيّتها، لكنّ الثّانية: مقولة أساسيّة وجوهريّة في المذهب الإثني عشريّ يترتّب عليها عنوان المرجعيّة المتداولة مع كلّ تجليّاتها من تقليد وخمس وولاية للفقيه في عصر ما يُصطلح عليه بالغيبة على الاختلاف الحاصل في حدودها... إلى غير ذلك من تجليّات، فإذا حذفتها يعني حذفت الأساس الشّرعي الرّسمي لكلّ هذا العناوين، ووضعت علامة استفهام بحجم الكرة الأرضيّة على أساس المذهب الإمامي بصيغته الإثني عشريّة المولودة لاحقاً.

 

 

ومن هنا تعرف سرّ الاستماتة والقتال حتّى آخر قطرة دم في سبيل تعميقها، بل ودعم أيّ كتاب أو موسوعة تُكتب في سبيلها، وإضافة عشرات الأوصاف لها ولمصنّفها أيضاً؛ لأنّها معركة وجود وعدم، ووظيفة كلّ جيل من العلماء الإثني عشريّة أن يبقوا على هذه المقولة راسخة في قلوب الجماهير بمختلف الوسائل والحيل إلى الجيل الّلاحق من دون فتح أيّ سؤال أو استفهام حولها، ولا يجرؤ أحدٌ منهم أن ينبس ببنت شفة حولها حتّى وإن همس مع نفسه سرّاً ببعض ذلك؛ لأنّ محض تصوّره للنّتائج المترتّبة على تساؤلاته كافٍ في إغلاق هذا الباب من رأس... بلى؛ عليك أن تتأمّل كثيراً كثيراً؛ فلا حياة من غير تأمّلات، والله من وراء القصد.