إن عودة التحركات الاحتجاجية الى الشارع، حيث تشير المعلومات الى أن ما حصل في الايام الاخيرة من الاسبوع الماضي كان عبارة عن جس نبض، مع تعاطي القوى الأمنية بالقوة والعنف مع المتظاهرين، وأن نهاية الاسبوع الحالي سيشهد تصعيدا تحت شعار إسقاط الحكومة التي يرى كثيرون أن غطاء حمايتها خلال الفترة الماضية كان من كورونا.
 

السؤال البديهي اليوم هل دخلت  حكومة دياب بالآمتار الأخيرة للماراتون و التساؤلات كثيرة حول جدوى هذه الحكومة، خصوصا بعد فترة السماح التي حددها رئيسها بالمئة يوم والتي إن دلت على شيئ إنما  تدل على المزيد  من التخبط، والحديث عن البطولات الوهمية بانجازات الـ 97 %، والإكثار من تشكيل اللجان ومن ثم الوهن وفقدان القرار والجدل البيزنطي على طاولة مجلس الوزراء في الأيام التي أضيفت الى الأيام المئة.

 

 

يمكن الجزم إن اللبنانيين لا يعتبرون اليوم إنه يوجد حكومة قادرة فعلا على الانقاذ، بل يخالون أنفسهم أمام مجلس سياسي فئوي من تيارات عدة تتحكم بمقدرات البلاد، وتتنازع على المكاسب والمراكز، وتتنافس في إستمالة الشارع لتحقيق طموحات إنتخابية، وتتبادل الفيتوات على قرارات بعضها البعض وصولا الى الكيدية التي تمارسها في الوقت نفسه على التيارات المعارضة لها.

 

 

هذا الواقع، يجعل الحكومة ضعيفة، خائفة، مترددة، عاجزة، غير منتجة، متناقضة مع نفسها، وتقول ما لا تفعل، ما يجعلها غير قادرة على التصدي للأزمات التي تعصف بلبنان، وعلى تطبيق الشعار الذي جاءت به وهو مواجهة التحديات حيث لا يختلف إثنان على أنها منذ نيلها الثقة لم تقدم شيئا سوى التنظير والوعود الكلامية بصيغة المستقبل، فيما البلد يغرق في معضلاته أكثر فأكثر.
كثيرة هي الأسباب التي تبين أن الحكومة في الامتار الاخيرة من الماراتون، أبرزها


سقوط قناع التكنوقراط والاستقلالية عنها، وإنكشاف الوجه السياسي المتمثل بمجموعة من المستشارين والموظفين برتبة وزراء لدى بعض القوى السياسية التي تهدد بعضها البعض بالانسحاب من الحكومة وفرط عقدها، بدءا بحركة أمل وإصرارها على إعادة المغتربين، مرورا بالمردة رفضا للتعيينات المالية، والتيار الوطني الحر على خلفية ملف سلعاتا حتماً، والمير طلال إرسلان على خلفية تعيين قائد الشرطة القضائية، وصولا الى حزب الله الذي وقف ضد التيار البرتقالي في ملف سلعاتا، ثم ساير رئيس الجمهورية فيه، فتراجع رئيس الحكومة حسان دياب عن قرار كان إتخذه في السراي تحت مظلة ورغبة قصر بعبدا.

 

 

الغضب السياسي والديني والشعبي على مصادرة صلاحيات رئاسة الحكومة وعلى عينك يا تاجر، والامعان في خرق الدستور وضرب إتفاق الطائف على مرأى ومسمع الرئيس دياب الذي يتهمه كثيرون بالتماهي الكامل مع رئيس الجمهورية وتياره السياسي.

 


تحوّل الحكومة الى محرقة للتعيينات والمرشحين لها، حيث لم تفلح خلال مئة يوم وأكثر في إجرائها، وهي تلجأ الى ترحيلها من جلسة الى أخرى بحجة الدراسة والتوافق، فيما التجاذبات تبلغ أشدها بين التيارات السياسية على كل إسم يصار الى طرحه.

 

اقرا ايضا : ثلاثة محاور تحمل معها رياح ساخنة.

 

 

 

دخول رئيس الحكومة الى بازار المساومات، سعيا وراء حصته في التعيينات من محافظ بيروت الى رئاسة مجلس الخدمة المدنية، وإخفاقه في ملء الفراغ في هذين الموقعين بفعل الحصار المفروض عليه من داخل الحكومة.
الضعف الذي يسيطر على الجانب اللبناني في المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي، والتناقض في الأرقام الذي زعزع ثقة ممثلي الصندوق بلبنان، فضلا عن غياب مبدأ الشفافية في ملف الكهرباء وخصوصا معمل سلعاتا الذي من شأنه أن يكهرب العلاقة بين الحكومة والصندوق.

 


أثار تراجع الحكومة عن خطة الكهرباء، والإلتزام ببناء معمل سلعاتا، بالإضافة إلى انكسار رئيس الحكومة، حسان دياب، أمام الحسابات السياسية أو المحاصصات، استياءاً عارماً لدى الجهات الدولية المعنية في لبنان، وذلك بعيد إعلانه أن الحكومة تلتزم خطة الكهرباء وفق ما ورد في البيان الوزاري، أي أن الحكومة قد أصابت نفسها، وخطّتها الإصلاحية على مرأى العالم الذي انتظر إنجازاً أساسياً في ملف الكهرباء كمدخلٍ للإصلاح الذي يمكّن لبنان من الحصول على مساعدات من صندوق النقد الدولي.

 

 

سارع سفراء كثر إلى طرح تساؤلات عدة حول الإصرار على معمل سلعاتا، وخلصوا إلى نتيجة واحدة بأن لا شيء تغيّر، وأن لبنان أمام معادلة بالغة السوء. 
إضافة إلى هذه الباقة من الاسباب ،وصول الجميع الى قناعة بأن لا إمكانية لكسر المقاطعة العربية للحكومة التي يواجه لبنان بسببها عزلة غير مسبوقة.
تنامي العنف في كل المناطق، من قتل وسطو مسلح، وقتل بهدف السرقة، وإشكالات وإنتشار للسلاح بشكل بات ينذر بفلتان أمني حقيقي يضاعف من خطورته الأزمة الاقتصادية والمالية.

 

 

الارتفاع المستمر في سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، وبلوغه سقفا غير مسبوق في تاريخ لبنان، والغلاء الفاحش المترافق معه، حيث تشير الدراسات الى أن الأسعار إرتفعت ما بين 100الى 150 بالمئة من دون أن تقدم الحكومة على أية خطوة علاجية تعيد الأمور الى نصابها.

 

 

إن عودة التحركات الاحتجاجية الى الشارع، حيث تشير المعلومات الى أن ما حصل في الايام الاخيرة من الاسبوع الماضي كان عبارة عن جس نبض، مع تعاطي القوى الأمنية بالقوة والعنف مع المتظاهرين، وأن نهاية الاسبوع الحالي سيشهد تصعيدا تحت شعار إسقاط الحكومة التي يرى كثيرون أن غطاء حمايتها خلال الفترة الماضية كان من كورونا.